. أنا عندي مشكلة ويارت
تساعدوني، أنا عندي 19 سنة.. شخصية متقلبة إلى أبعد الحدود ودون أي سبب..
شوية أبقى مبسوطة جدًّا و مبسوطة مع أهلي وأصحابي، وشوية أقلب عليهم.. مرة
على أصحابي ومرة على أهلي ودون أي سبب، أو يمكن بأسباب بس بسيطة في العادي.
أنا
بعديها مش عارفة.. فجأة كده بتكبر في دماغي وأتجنبهم كلهم وما اتكلمش مع
حد أو أحاول إني أبقى لوحدي، مع العلم بأني شخصية محبوبة جدًّا -على حسب
كلامهم- وليّ أصحاب كتير جدًّا جدًّا، ناس كتير بتقولّي عشان أنا شخصية
قوية؛ فاللي مش عاجبك بتقلبي عليه، بس أنا مش شايفة لها علاقة، لسبب هو
إني أحيانا باقلب على أهلي اللي همّ أحسن ناس في الدنيا وتربيتي ماتسمحليش
إني حتي أعيب عليهم، وعمري ما جه في دماغي إنهم مش عاجبينّي.
بس
المشكلة كمان إني بقيت باقلب على نفسي! أحيانًا باحسّ إني جميلة وواثقة من
نفسي وباعرف أفكر وليّ رأي، وأحيانا أحس إني أوحش واحدة في الدنيا وشخصية
يُرثى لها، مع إن اللي حواليّ بيقولوا إني جميلة ودماغي حلوة.
أنا حاسة إني متلخبطة أوي ومش مستقرة.. مش عارفة أرسى لي على حال.. بجد نفسي حدّ يساعدني، سوري إن كنت طولت عليكم.
puremindعمرك
الآن 19 سنة وتقلب الانفعالات -بل وتناقضها- وارد في مرحلة المراهقة التي
تمرين بها، وربما يكون مبعثه أنكِ جميلة ومحبوبة، وشخصية قوية تنتظرين
دائما ممن حولك أن يؤيدوكِ ويصفقوا لكِ مما يُشبع نزعتكِ الذاتية.
وهذا
بالطبع لايحدث على طول الخط؛ فأنت تشعرين بالسعادة عند التأييد الذي
يدفعكِ بقوة إلى عالم الكبار، وتشعرين بالغضب عند الاختلاف الذي يجرُّكِ
إلى مرحلة الطفولة وعدم النضج.
إن قوة شخصيتك ورغبتك القوية في
الدخول إلى عالم الكبار -بل والسيطرة عليهم- هي التي تؤدي بك إلى هذة
التقلبات الانفعالية، فالشعور بالإحباط يدفعُكِ إلى الانسحاب وتجنب الآخرين
-حتى أهلك أنفسهم- وتفضيل البقاء بمفردك. وعندما يحدث وتنقلبين عليهم
تشعرين بالإثم وتأنيب الضمير الذي يشعرك بمزيد من الإحباط.
وقد يكون
الموضوع بسيطًا ولا يستحق الانفعال، ولكنه الإحباط المزدوج (مرة للفشل في
السيطرة، ومرة لتأنيب الضمير والخطأ في حق أقرب الناس إليكِ)، مما يدفعكِ
إلى لوم نفسك التي وضعتْكِ في هذا الموقف مع أعز الناس والانقلاب عليها هي
الأخرى.
واللخبطة وعدم الاستقرار النفسي الذي تشعرين به لاخوف، منه
فالمرحلة التي تمرّين بها تتسم بالتمركز حول الذات، أي أن الفرد فيها يهتم
بنفسه فقط، ويحب الآخرين أو يكرههم بناءً على نجاحهم أو فشلهم في تحقيق
الراحة والإشباع النفسي له فقط، ولايدرك احتياجات الآخرين وحقوقهم. ومع ذلك
فهو يتميز بدرجة كبيرة من الذكاء المنطقي النظري تؤهله لإدراك قيمة القيَم
والمُثل الاجتماعية في الحياة، ولكن ينقصه "الذكاء الوجداني"، ولذلك نجده
يتأرجح بين النجاح والفشل في علاقاتة بالغير. وهذا سبب ما تشعرين به من عدم
الاستقرار النفسي؛ وهو الصراع بين ذاتية المراهق وموضوعية أفكاره ومُثُله
العقلية، وسرعان ما تزول هذه الصراعات بالوصول إلى مرحلة الرشد.
ولذا
عليكِ بالتمهل في الحكم على سلوك الآخرين من حولك، وضعي نفسك مكان الآخر
واشعري بمشاعره (فيما يعرف بتبادل الأدوار أو إلتماس العذر للآخرين).
كما يجب أن تضعي في اعتبارك أنك إنسانة، ووقوعك في خطأٍ مّا وارد، ولاينقص من شأنك ولا يقلل من قيمتك بين الناس.
كما
ينبغي أن تضعي في حسبانك قدرات الآخرين وخبراتهم التي عليكِ أن تستفيدي
منها، وأنكِ لستِ وحدك الكبيرة والمسيطرة، بل هناك آخرون أكثر حكمة وخبرة
وذكاءً، وعليكِ أن تتعلمي منهم وتنصاعي لهم.