مش عارفة هي المشكلة ممكن تبقى في نظر ناس
كتير إنها مش مهمة؛ بس أنا شايفها بقت ظاهرة إن الأصحاب مابقوش أصحاب وإن
العملية بقت مسألة استغلال كبير.
الحكاية إن أنا و 3 أو 4 أصحاب
بنتعامل مع بعض كأصحاب مش زمايل في الشغل، وبينّا مجاملات كتير شخصية
ومعاملات حياتية شخصية، حصل كام موقف خلّاني أبصّ في علاقتنا مع بعض،
واكتشفت إني أكتر واحدة مستنزفة منهم من الناحية المادية والنفسية وحتى
الجسمانية؛ يعني لو واحدة اتعذرت عارفين هتلجأ لمين؛ للبنك (اللي هو أنا)؛
زي ما أصحابي مسمّينّي، ولو واحدة عندها مشكلة هتلجأ ليّ، ولو واحدة عايزة
مساعدة مع بنتها في مذاكرة أو أي حاجة هتلجأ ليّ برضه.
والمشكلة إني
بقيت أمر مُسلّم بيه، ونَفسي بدأت تشيل من التصرّفات اللي بيعملوها،
وبدأوا يعملوا كده مع بعض؛ بس مش مستحملين بعض، وكمان بقوا يقطّعوا في بعض
لما تحصل مشكلة في الشغل بسبب واحدة وكلهم يتحملوا العقاب، أو غيرة بسبب
مكافأة واحدة.
وحسيت إني في جو صداقة غير صحي، وإنهم زي ما بيعملوا
كده مع بعض هييجي اليوم اللي هينسوا أي حاجة حلوة عملتها معاهم، وهيبيعوني؛
على الرغم من إنهم بيبقوا زي العسل مع ناس تانية.
وماحدش يقول لي اعملي زيهم؛ علشان أنا طبعي مش أهين أو أضايق حد، أنا باستحمل لفترة، وبعدين أبدأ أقول إني متضايقة.
مش
عارفة آخد قراري؛ أنا دايرتي صغيرة، ومش هاعرف أعمل صداقات مع ناس جديدة،
والعشرة اللي بينّا أكثر من 10 سنين، وبصراحة أنا زهقت وعايزة أحسّ إني مع
ناس كويسة، مش بعد ما الواحد يعمل معاهم مواقف كويسة ينتقدوه ويعاملوه
بطريقة مهينة.
Pink.roseفي
البداية يجب علينا أن نضع تعريفاً صحيحاً وصحّياً لمفهوم الصداقة حتى لا
يختلط علينا الأمر؛ فالصداقة هي تلك العلاقة التي تسمو في قيمتها في بعض
الأحيان، حتى عن العلاقات الأسرية نفسها، أن يكون لك صديقة هي الأخت التي
تشارككِ تفاصيلك الأنثوية، وهي الأم التي تحتضن دموعك وقت الحزن، وهي الأخ
الذي يُنبّهك للخطأ التي أوشكتِ على الوقوع فيه، وهي الأب الذي قد يُنقذك
من أية ضائقة مالية تقعين فيها؛ هي كل هذا في شخص واحد وأشياء أخرى.
فهل
ينطبق على أصدقائك أيّ من هذه الصفات؛ فالصداقة ليست مجرد علاقة أحادية
الأطراف منك إليهم فحسب؛ بل هي أخذ وعطاء، حنان متبادل في الاتجاهين، حزن
وفرح، جدّ ومرح أيضاً متبادل في الاتجاهين؛ وحتى إعانة الطرف الآخر عندما
يقع في ضائقة مالية هو الآخر أمر متبادل في الاتجاهين، وبالتالي أنتِ في
حاجة للتفكير بشكل جاد وبعيد عن الفكرة المسبقة التي كوّنتها عنهم.. هل
العلاقة بينكم هي علاقة أحادية الأطراف لا يشاركون هم فيها بأي شكل من
الأشكال؟ هل من المعقول أنه على مدار العشرة أعوام التي جمعتكم، لم يظهر
منهم أي مظهر من مظاهر العطاء، أم ماذا حدث؟
وعلى أية حال فالاعتقاد
الراسخ في يقيني أن الأمر بينكم ليس كذلك؛ ولكن هناك بعض السلبيات التي
تعتري شخصياتهم وتؤثر بشدة على تقييمك لهم كأصدقاء، وهي سلبيات يمكن علاجها
ويمكن التعامل معها؛ لأن الصداقة أمر بالغ الصعوبة، لا يمكن التخلي عنه
بين يوم وليلة هكذا وبكل سهولة؛ فالبيت المتهالك يمكن ترميمه قبل أن نقرر
هدمه.. ولنحاول سوياً التعرّف على هذه السلبيات، ونرى كيف يمكن التعامل
معها.
أهم هذه السلبيات هي حالة استغلال الصداقة بشكل سلبي من
قبلهم، وهذا أمر طبيعي، وأحياناً ما تمرّ به أية صداقة بأن يستسهل الصديق
الاعتماد على صديقه في أي مشكلة يقابلها حتى لو كان بيده إيجاد حلول أخرى
من تلقاء نفسه، وبالتالي يختصرون حلّ أية مشكلة في العالم تواجههم في شخصك؛
فالمشاكل النفسية حلها لديك، والمشاكل العاطفية حلها أيضاً لديك، والمشاكل
المادية حلها هي الأخرى لديك.. وبالتالي تشعرين مع الوقت أنك "مستنزفة"
على حد تعبيرك، وهذا أمر طبيعي لأنكِ تعطين ولا تأخذين.
ولكنك لم
تذكري في معرض حديثك أنكِ عَرَضْتِ مشكلة وهم رفضوا المساعدة، وهذا ما يجب
عليك فعله خلال المرحلة القادمة.. ولا يجب أن يُفهم من كلامي هنا أنني أطلب
منكِ أن تختلقي لنفسك مشكلة مادية من صنع الخيال، كي تختبري مدى استعدادهم
لمساعدتك فيها؛ فبالمناسبة الضوائق المالية لا تُظهر الأصدقاء الحقيقيين؛
فيمكنني أن أساعد زميلاً لي في العمل في ضائقة مالية وقع فيها، دون أن يكون
صديقي؛ ولكني ربما لا أقف معه في مشكلة عاطفية أو نفسية وهذا هو الفارق.
الاختبار
الحقيقي سيكون في أول مشكلة نفسية أو عاطفية أو زوجية تقعين فيها، ووقتها
ستعلمين الأصدقاء من مدعي ومستغلي الصداقة، سوف تعرفين من أعينهم من يهتمّ
ومن لا يكترث، سوف تعرفين من آذانهم من يسمع ومن يصطنع السمع، ستعرفين من
ألسنتهم من يتجاوب معك ويحاول تقديم الاقتراحات والبدائل الممكنة من أجل
التعامل مع هذه المشكلة، ومن يحاول بشكل خبيث وغير مباشر، تغيير الموضوع
وتقديم نماذج إجابات من نوعية "معلش، ربنا يعدّيها على خير"، "هتتتحل
بسيطة"، "ماتحطيش في دماغك".. إلى آخره من إجابات جاهزة لا تستلزم جهداً في
التفكير، وتقفل الباب أمام أي استطراد من قِبَلك في هذه المشكلة؛ تعبيراً
عن ضجر المستمع مما يقوله الطرف الآخر وعدم اكتراثه به.
نتيجة هذا
الاختبار هي التي سيتوقف عليها شكل العلاقة بينك وبينهم، وفي حال -لا قدر
الله- سقطوا في هذا الامتحان؛ فهذا لا يعني أن يتمّ مسحهم من الذاكرة
المؤقتة والدائمة الخاصة بك؛ ولكن كل ما سيحدث أنه سوف يتمّ تقنين علاقتهم
بك بالضبط، كما نقوم بعمل limited profile للأشخاص الذين تكون علاقتنا بهم
محدودة، وأعني أن المزايا العينية والمعنوية التي كانوا يحصلون عليها من
جراء هذه الصداقة سوف تتقلص بشكل كبير؛ على أن تبقي فقط على التواصل بينك
وبينهم كشكل من أشكال كسر الملل، وبالمناسبة لقد خدَعَك من قال إن الصداقة
لا يمكن تكوينها "على كبر"؛ فالأصدقاء يمكن اكتشافهم في أي مكان وفي أي وقت
وسوف تثبت لك الأيام صحة ما أقول.
وفّقك الله إلى ما يحبه ويرضاه