أهلي فضحوني".. لكن الله سيسترك

أنا كنت شاطرة جداً زمان، وكنت باذاكر كتير..
أنا في طب؛ بس دلوقت مش باذاكر أي حاجة وتقديراتي على طول زفت.. زمان كان
ليّ أصحاب كتير، وكنت اجتماعية أوي؛ بس دلوقتي خلاص مش عارفة أصاحب حد.


أنا مش بادوّر على سبب للي أنا فيه.. أنا
عارفة إن أنا اللي حطيت نفسي في كده؛ بس أنا على طول في مشاكل في البيت..
على طول ضرب وإهانة وفضايح؛ سواء من بابا أو ماما؛ يعني مثلاً من فترة
قريبة اتخانقت أنا وماما على حوار تافه جداً، وبابا كان في صفّي وكان معايا
عليها لأنها هي اللي كانت غلطانة؛ لكن بعد كده عاملته بطريقة وحشة
واتخانقت معاه وقعدت تقول له كلام زي "إنت مش راجل" وكده؛ فلقيته مرة واحدة
وأنا صاحية لسه من النوم وطالعة برة بيزعق لي ويشتمني وضربني لدرجة إن فوق
عيني أسود، ويقول لي بعد كده لما تحصل بينكم حاجة أنا ما ليش دعوة.


وأنا مش عارفة أروح لمين يجيب لي حقي وإحنا
ما لناش حد خالص؛ لأن ماما متخانقة مع كل قرايبنا سواء إخوات بابا أو
إخواتها، وكمان جيرانا، وكمان مش عايزة حد من أصحابي ييجي لي؛ فأنا حاسة
إني لوحدي.. مش عارفة أشتكي لحد.
وفيه حاجة تانية.. لما بتحصل مشاكل
وكده بتقعد تعلّي صوتها فباقفل الشبابيك علشان ما حدش يسمع؛ فتقوم مزعقة لي
وتفتحها تاني كأنها عايزة تفضحني، وبتقعد تقول لي على طول "حسبي الله ونعم
الوكيل فيكِ".


أنا نفسي أطلع دكتورة تقويم وعارفة إن ده محتاج مذاكرة كتير أوي؛ بس أنا بجد مش عارفة أذاكر أي حاجة خالص ولا حتى باروح الكلية.
أنا طوّلت أوي؛ بس حتى لو مش رديتوا عليّ أكون حتى فضفضت لحد.

just a girl


أولاً يجب عليكِ أن تستوعبي حقيقة هامة جداً ربما تجعل الأمور أكثر
سهولة عليك؛ هذه الحقيقة تقول إن الأهل هم ابتلاء من الله مثل أي شيء في
الدنيا!! نَعَم خلقك الله وسط أبوين غير متفاهمين بالمرة يتخذان من الزعيق
والخناق منهاجاً، الصوت العالي نشيدهم؛ ولكن هذا الاختبار والابتلاء من
الله عز وجل له هدف، والهدف هو اختبار مدى قدرتك على تحمّلهم والصبر على
بأسهم في حقك.

كلما زادت الإهانة وكلما زاد القهر، كلما زادت اللحظات العصيبة التي
تقضينها مع والدتك في نزاع حول شيء لا يُذكر، فتتحول المشكلة مع الوقت إلى
خناقة، وتُفتح الشبابيك على مصراعيها، ويخرج الصراخ إلى أقصى مداه..
وبينما أنت تذوبين خجلاً في نفسك يختبر الله عز وجل قدرتك على احتمال من
حمَلتك في رحمها 9 أشهر؛ هل ستردّين لها الإساءة بالإساءة أم ستصبرين؟

النقطة الثانية التي يجب أن تضعيها في اعتبارك -حتى يمكننا أن نجد
مخرجاً آمنا لك من كلية الطب- هو أن تستوعبي وجود اختلاف حادّ في وجهات
النظر بين والديك، وبالتالي عليك تجنّب التصرفات أو الأفعال التي تضطرين
فيها إلى تحييز أي منهما في صفّك، وبالتالي استعداء الطرف الآخر عليه، كما
حدث في الموقف الذي ذكرتِه عندما اتّخذ والدك صفّك؛ فكانت النتيجة ما كان..
وبالتالي لا بد من تجنّب الدخول في أي صراعات كلامية مع أي منهما.. أعرف
أن الإنسان عبارة عن طاقة وأحياناً يمرّ بأوقات يصعب عليه فيها تحمّل هذا
الضغط العصبي الهائل، وأنا لا أطالبك بالحكمة طوال الوقت؛ ولكن قَدْر
الإمكان.

النقطة الثالثة، وهي في رأيي الخطأ الأكبر الذي ارتكبتِه، هي بُعدك
عن أصدقائك، وامتناعك عن نزول الجامعة.. أنتِ بهذه الطريقة جعلتِ البيت هو
عالمك الوحيد، وهو -كما يبدو من حديثك- ليس محبباً للنفس بالقدر الكافي،
وبالتالي كان لا بد من وجود مسارات أخرى لتفريغ الضغط الذي يمارس عليك
بالمنزل، وهذا التفريغ كان سيتم مع أصدقائك، وفي الجامعة، وفي جو أكثر
هدوءاً ومحبباً بشكل أكبر للنفس، وبالتالي لا بد من تدارك هذه الغلطة بسرعة
والعودة إلى الجامعة وإلى أصدقائك من جديد.

النقطة الرابعة، والخاصة بعدم قدرتك على استذكار دروسك في جو هادئ
يساعد على التركيز، هي مشكلة -أعلم أنها مستعصية ولكن- لو تمكنتِ من تنفيذ
النقاط الثلاث الماضية ربما تيسّر لك جو من الهدوء؛ خاصة أن والديك لا
يَسعيان للشجار؛ فهو شيء مكروه لكل نفس، وبالتالي لو تمكنّا من تجنّب
الأسباب المؤدية لحدوث العلّة لوفّرنا جواً من الهدوء يساعد على التركيز.

أعرف أن الكلام أسهل بكثير من تنفيذه، وأعرف أن المشكلة التي تعانين
منها ليست هيّنة؛ فالإنسان يهرب دائماً من مشاكل الحياة إلى بيته؛ فماذا
لو كانت هذه المشاكل داخل بيته؛ فإلى أين يهرب؛ ولكنه اختبار لو نجحتِ فيه
سيكافئك الله عليه خير جزاء بزوج صالح تنسيكِ الساعة معه شهوراً طويلة من
المعاناة في المنزل.
فقط اصبري وستنالين.. وفّقك الله إلى ما يحبّه ويرضاه