، أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، متزوجة من رجل عمره 42 سنة، مطلق من زوجة أجنبيه، ولهما بنت عمرها 16 سنة.
مشكلتي
متفرعة جداً؛ لكن سأحاول تلخيصها في كون زوجي يثير غيرتي بمعاملته
لطليقته؛ يكلّمها ليسأل عن أحوالها، يدعوها كثيراً لزيارتنا، يلحّ عليها أن
تتناول من جميع المأكولات ولا يتردد في إعداد الطعام لها بنفسه، ويتحجج
بأنه يعمل كل هذا من أجل كسب ثقة وحب ابنته التي تعيش معها.
عند حضورهما في بيتي أُحسّ أنني مُهمَلة ووحيدة؛ علماً بأننا نعيش ببلد أوروبيّ في غربة، وأحتاج لمن يفرّج عني.
هده
المشكلة تؤثر سلباً على علاقتي بزوجي، وتخلق بيننا نزاعات عديدة بسبب هده
الطليقة؛ حيث إنني طلبت منه في آخر مرة تشاجرنا فيها أنني لا أريد رؤيتها
مجدداً في بيتي؛ علماً بأنني صبرت كثيراً ما يناهز 3 سنوات في هذا الوضع،
ولم ترَ مني إلا المعاملة الطيبة؛ لكنني أُجرح كثيراً، ولم يعد بوسعي
التحمّل أكثر؛ فهل أنا على صواب؟
sa نرحب بك دائماً ونشكرك على تحيّتك الجميلة، وندعو لك بالفوز بالنجاح والسعادة في كل جوانب حياتك ومنها الزواج.
وأتفهّم
جيداً شعورك بالضيق من اهتمام زوجك بمطلّقته، وأحترم غيرتك المشروعة
تماماً؛ ولكني أهمس لك بكل الود والاحترام أن الغيرة الزائدة تؤدي إلى
نتائج عكسية حماك ربي منها، وتجعلك تتناسين حقائق مؤكدة تصب كلها في صالحك.
فزوجك
طلقها وتزوجك أنت، وأنت أصغر سناً منها بسنوات كثيرة، كما أنك من وطنه؛
لذا فإن فرص نجاح زواجكما كبيرة بمشيئة الرحمن بالطبع، كما أن تعمده الحديث
مع مطلقته أمامك، ودعوتها لزيارتكما في منزلكما؛ يؤكد على أنه رجل محترم،
وأن علاقته بها مجرد علاقة أب لابنته مع والدة هذه الفتاة.
ومن
الواضح أنه رجل ذكيّ؛ لذا يتعمد حسن معاملتها أمام ابنته ليكسب حبها، وأقدر
ذلك وأحترمه؛ خاصة أن ابنته أمها أجنبية، وتعيش في أوروبا؛ أي أنها تحتاج
لمعاملة خاصة للغاية حتى يكتسب ثقتها، ويستطيع حمايتها من الانحرافات
المختلفة.
وصدقيني، زوجك ليس بحاجة إلى أن يتحجج بأنه يحسن معاملة
طليقته من أجل ابنته؛ لأن هذه هي الحقيقة، ولو كان مازال يحب طليقته
لقابلها بعيداً عنك؛ ولكنه يتعمد مقابلتها في حضورك لتطمئني أولاً، ثم لتثق
هي بأنه لا مجال لرجوعه إليها أيضاً.
وأكاد أسمعك تقولين: ولكن هذا كلام العقل؛ فماذا عن عواطفي أليس لها أية قيمة؟ أنا لا أستطيع تحمّل هذا الوضع بأكثر مما تحملت.
وأردّ
عليك بكل التعاطف والتفهم: أحترم عواطفك كثيراً، ولذا أتمنى ادخار جزء
كبير منها لتحبّي نفسك حباً إيجابيا وذكياً بأن تتذكري أن زوجك اختارك زوجة
بملء إرادته، وأن علاقته بطليقته هي مجرد جزء صغير للغاية في علاقتك به،
وأن من الأذكى تحسين كل جوانب علاقتك به العاطفية والحسية، لتستمتعي بمباهج
الزواج أولاً، ثم لتتمكني من التخلص من الغيرة الزائدة بزرع الثقة بالنفس
بداخلك، وتذكّر أن طليقته هي مجرد مرحلة سابقة في حياته، وأن علاقته بها
كزوجة وحبيبة انتهت بالفعل، وأن ما تبقى من علاقته بها يتلخص في كونها أم
ابنته الشابة التي تحتاج إلى معاملة بالغة الذكاء لاحتوائها عاطفياً
ونفسياً.
وأنه لن يمكنه قطع علاقته بها لوجود ابنته التي يمكنك اكتساب صداقتها لتقارب أعماركما.
فإذا زرعت في عقلك وقلبك هذه الحقائق وذكّرت نفسك بها؛ فإن مشاعر الغضب والغيرة ستتراجع بصورة رائعة؛ أدعو لك بها من كل قلبي.
ولا
أحب أن تتشاجري مع زوجك بسببها حتى لا تلفتي نظره إليها، وأيضاً حتى لا
يشعر بخوفك منها، والذي قد يترجمه على أنه قلة ثقة في إخلاصه لك، أو قلة
ثقة بالنفس، وهما أمران لا أرضاهما لك أبداً.
وأيضاً حتى لا تلاحظ طليقته غيرتك فتتعمد مضايقتك إذا كانت سيئة، أو تفسدي علاقتك بها إن كانت إنسانة محترمة.
وأصارحك
بأن بإمكانك الاستفادة من وجود مطلقته وابنتها في زيارتكما من خلال السعي
لاكتساب صداقة الابنة تدريجياً، وقضاء بعض الأوقات في أية هوايات أو ألعاب
مشتركة لتتخلصي من التوتر، وصدقيني ستربحين كثيراً.
وأهمس لك بأنني
لا أرحب بمنعهما من زيارتك في البيت؛ فلا شك أنهما عندما يلتقيان أمامك؛
فهذا أفضل من لقائهما بعيداً عنك، وأفضّل استبدال شعورك بالصبر والتحمل عند
زيارتهما بالإحساس بأنك ذكية وتتحلّين بالمرونة، وأنك ستسمحين باستقبالهما
في بيتك؛ لأن هذا في صالحك وليس من أجلهما أو من أجل زوجك.
وقد
توقفت طويلاًَ عند قولك بأنك في غربة وتحتاجين لمن يفرّج عنك، وأتمنى
المسارعة بالانضمام لأية أنشطة خاصة بالجاليات العربية والمسلمة في البلد
الذي تعيشين فيه، والتعرف تدريجياً على الكثير من الفتيات والنساء لتشعري
بالدفء الذي سيقضي على صقيع الغربة.
وبإمكانك مشاركتهما أعمالاً
تطوعية لتستمتعي بالفرح بالإنجازات؛ حتى تتمكني من الحصول على عمل،
وبإمكانك الالتحاق بأية زيارات تفيدك وتشغل أوقات فراغك؛ لأن الفراغ هو
عدونا جميعاً؛ لأنه يجعلنا نبالغ في التوقف عند ما يضايقنا؛ بدلاً من النظر
إليها بتعقّل للتعامل معها بأفضل ما يمكننا وليس كما نرغب.
فلابد
من تقبّل وجود بعض العيوب في أي زواج؛ لأننا جميعاً بشر ولسنا ملائكة،
وتقليل الاهتمام بها أو التوقف عندها، وإطالة الفرح بمزايا الزواج العاطفية
والحسية والاجتماعية.
وأتمنى الاستفادة من وجودك في هذا البلد
لاكتساب مهارات كثيرة، والحرص على التواصل مع بلدك عبر الإنترنت، والسعي
لكي يكون كل يوم أفضل مما سبقه في الدين والدنيا؛ وبذا فقط ستنجحين في
حياتك كلها وليس في زواجك فقط.
أتمنى قراءة الرد بهدوء كثيراً، وكلما حاول إبليس اللعين تحريضك على زوجك؛ فلتنتصري عليه لأنك تستحقين ذلك.. وفقك ربي وأسعدك.