. أنا
خجولة بطبعي وكثيرة الصمت وهذا يرجع إلى الطريقة التي تربيت بها؛ فأنا
مشكلتي أني أفقد الثقة في نفسي بسرعة إذا شكّك أحد في تصرفاتي؛ مع العلم أن
أفكاري ليست سطحية أو تافهة، وأحاول أن أراعي مشاعر الآخرين في تصرفاتي.
تزوجت
منذ سنة ورزقني الله بولد والحمد الله، أنا أحب زوجي؛ فهو حنون وطيب؛ لكنه
عصبي، ولا يوجد إنسان كامل، وأعرف أن لي عيوباً كذلك.
مشكلتي مع
زوجي أنه ينقدني كثيراً في كل تصرفاتي، ولا يراعي مشاعري؛ فأنا جميلة، وهذا
ليس غروراً؛ لكن الجميع يقول هذا؛ لكنه ينقد شكل جسمي بطريقة المزاح،
وينقد شكلي؛ مع أني لست بدينة، وأحاول أن أحافظ على جسمي؛ ولكن مع زوجي لا
أشعر بهذا؛ بل أشعر أني بشعة.. وكذلك ينتقد طريقة ترتيبي للبيت، وطريقة
تغذية طفلي، ودائماً يذكّرني بأني لا أشارك في الأحاديث مع الآخرين، وأنا
أحاول أن أغيّر من تصرفاتي؛ ولكن أحتاج إلى التشجيع؛ فهكذا تربيت.
وعندما
تناقشت مع زوجي قال: أنا بطبعي كثير المزاح وأنت حساسة كثيراً.. وأشعر أنه
لا يثق في قراراتي أو آرائي؛ فهو يثق في قراراته هو، أشعر أني مضطهَدة
وعليّ أعباء كثيرة؛ فهو دائماً يرمي باللوم عليّ.. وأنا لديّ هموم،
بالإضافة إلى أني أحضّر لرسالة الماجستير، وأحتاج لصفاء عقلي وفكري، ولجوّ
نفسي مريح.
besaanالسلام عليك ورحمة الله وبركاته صديقة "بص وطل" العزيزة.. أما بعد،،،
هناك
تناقض شديد بين ما أنت عليه بالفعل، وبين ما تشعرين به بنفسك وليس بكلام
زوجك؛ فحقيقي أن الكمال لله وحده؛ ولكنك كاملة المواصفات التي طلبها زوجك
في شريكة حياته ووجدها فيك، ولم يتغير منها شيء؛ يعني اختارك لأنك جميلة؛
فأكيد أنت لا تزالين جميلة، وإن كان وزنك قد زاد بضعة كليوجرامات بسبب
الحمل والولادة، وأنت زوجة تعرف حق البيت وواجباته؛ لأنه لم يشكّ من البيت،
وأنت أمّ لطفلك، وهذا أيضاً لم يسبب ما يشكو منه.. إذن أين المشكلة؟
المشكلة
فيك أنت، أنك تحاولين التغير لتتوافقي مع مواصفات زوج كثير المزاح، يستخدم
الكلام كثيراً؛ فلا يمكن التفرقة بين ما هو جادّ وبين ما هو مزاح.
وبما
أن القاعدة العلمية العقلية تقول: إننا قادرون فقط على تغيير أنفسنا،
ولسنا قادرين على تغيير الآخرين إلا إذا كانوا ضعيفي الشخصية، لا يمكنهم
قيادة أنفسهم ولا إدارة شئون حياتهم؛ لذا لزم أن تسألي نفسك صراحة: أي
الشخصيات أنت؟ هل أنت الضعيفة غير الواثقة من نفسها التي ستهتزّ مع كل نقد
يوجهه إليها الآخرون؟ أم شخصية سوية تعرف أنها سوية، وأن ما يوافق الزوج
يأتي بإرادتك أنت؛ لأنك تحبين التغيير في ذاته، وليس إرضاء لزوجك الذي لا
نعلم كم ستستمرّ طلباته في التغيير؟ وإلى أين تصل بك؟
بمعنى أن
الثقة بالنفس لا يلزمها طلبات من خارجها لتحققها، ولا تشجيع من الآخرين؛ بل
يلزم أن تعرفي من أنت؟ وكيف تكونين؟ مع إنسان بدأتما معاً على أنكما
متكاملين، يكمل أحدكما الآخر، وبما أنك كاملة فاهتزاز الثقة لا محل له في
حياتك؛ حيث لا شيء ينقصك لتكوني أفضل مما أنت عليه بالفعل؛ دراسات عليا،
وأم، وزوجة، وربة ربة بيت.. ماذا ينقصك لتفتخري بنفسك وتعتزي بها؟! الكلام
والمشاركة مع الناس؟ هذه مسألة دائماً تخضع لنوع النقاش الذي يتكلم فيه
الناس، ولو كنت مهتمة بالموضوع، أو لديك عليه تعليق لمّا تأخرت عن الردّ؛
يعني المسألة ليست قلة ثقة؛ بل معرفة جيدة لإيجابية رائعة تتحلى بها المرأة
العاقلة، وهي: متى تتكلم ومتى تسكت. وتعليق الآخرين حتى ولو كان زوجك لا
قيمة له.
صديقتي.. ناقشي بالورقة والقلم والتفكير الدقيق كل ما
يوجهه إليك زوجك من نقد، والتمسي الأسباب لهذا النقد؛ فإذا كان هناك ما
يستحقّ النقد ويستحقّ التغيير فسيكون تغييرك أنت، ويمكن أن يستغرق قرار
التغيير لحظة واحدة.
مثال عملي: حاولي تعملي نيو لوك لشكلك، لبيتك،
بطريقة ترضيك؛ مع مراعاة ذوق زوجك وما يتيحه التغيير من راحة في البيت،
لتعرفي الفرق بين ما كان عليه البيت وما أصبح؛ فربما تكتشفين أن ما يقوله
صواب ونصيحة وليس نقداً.
واعلمي أن التغيير سُنّة الحياة الدنيا،
والرجل يحب الزوجة التي لا يعرف لها طابعاً مجسماً؛ بل تتغير وتتلون كل يوم
بطريقة تجعله دائم الاهتمام بها.
كذلك ناقشي طريقة غذائك لطفلك
وما الذي يدعوه للتدخل في خصوصية كهذه؛ هل لأن في هذه الطريقة ما يستحقّ
النقد فنفعله من باب المصلحة؟ أو يا ترى المسألة نقد للنقد؟
ناقشي
صديقتي ما يقوله لك زوجك من انتقاد، وعالجي ما يستحق العلاج وأنت واثقة أن
فعلك في العلاج نابع منك أنت، وأنك قادرة على إصلاحه أنت؛ يعني بعيداً عن
الحساسيات والاتهامات التي قد لا تكون حقيقية من الأصل.
بقي شيء مهم
يفيد في تقوية ثقتك بنفسك، وهو التقرب من الله عزّ وجل الذي بيده الخير
وهو على كل شيء قدير، وأن تقولي لنفسك دائماً قول الله تبارك وتعالى:
{إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}،
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم"؛ يعني أن تثقي
بنفسك وإمكانياتك، وتهتمي ببيتك وزوجك وطفلك، وتسمعي كلامه وتناقشيه؛ فربما
يكون على حق، وربما يكون "بيهزر"!!