أنا عندي مشكلة، ونفسي أحلّها بجد عشان
مضايقاني أوي.. أنا عندي 29 سنة، ومن صغري وأنا لما أشوف شخص ويعجبني أفضل
وراه لحد ما يحبّني، وبعد ما يحبني على طول أكرهه كره ماحصلش، وأبعِد عنه؛
لدرجة إن كل الناس خدت فكرة وحشة عني.
وبعد ما اتجوزت، لما جوزي يحب
يتقرّب ليّ أبعد عنه جداً، وأبقى كارهاه، ولما هو اللي يبعد عني أتقرّب
منه؛ لحد ما ييجي جنبي، وبعد كده أبقى مش طايقاه.
على فكرة ده مش
أسلوبي في الحياة أنا كده في الرجالة بس؛ لحد ما اتطلقت بخصوص المشكلة دي
لأنه قال إن عندي برود؛ مع إني غير كده خالص، وبعد ما اتطلّقت رجعت تاني كل
ما أشوف واحد أخلّيه يحبّني، وأول ما يحبّني أهرب منه.
ممكن تحلوا لي مشكلتي الله يكرمكم؛ لأن نفسي أعيش طبيعية، وأتجوز وأحب.
remonaصديقتي
العزيزة، ما دامت تلك المشكلة تَلزمك منذ صِغَر سِنّك وبلوغك؛ فهذا يعني
أن مشكلة نفسية "ما" حدثت لك في الطفولة لم يتمّ معالجتها أو تدارُكها؛
فاستقرت داخل جهازك النفسي حتى كبُرْتِ، وأصبحتْ هي التي تُحرّكك في
علاقاتك مع الرجال.. وللحقّ فإنه سيكون هناك عدة تفسيرات لتلك المشكلة،
ستجدين بعضها هو بالفعل ما حدث لك، وبعضها يبعد عنك.. وسأقول لك معظم
التفسيرات لسببين:
الأول: أنك لم تتحدثي عن نشأتك أو علاقتك بأسرتك على الإطلاق.
والثاني:
لأن معرفة السبب حتى وإن لم تبدئي في العلاج بعدُ، يُعتبر خطوة مهمة جداً
تجعلك تُبصرين المشكلة؛ فتبدئين بالفعل في تفهّمها، والأخذ في خطوات جادة
لعلاجها؛ لذا فإن سبب حدوث هذا النوع من التصرّفات يكون لعدة أمور منها:
-
فُقدان الثقة بالنفس؛ فبعض الفتيات ضعيفات الثقة بأنفسهن لا يشعُرن بالثقة
بالنفس؛ إلا حين تتمكنّ من "إيقاع" الرجل في حبها؛ فتشعر بأنها موجودة
ومُعتبرة، وهي لا تريد في الحقيقة لا حباً ولا جنساً؛ ولكنها فقط تبحث عن
الشعور بالثقة والفخر بقدراتها الجبارة، وكلما كانت شخصية الرجل قوية
ومُهابة ولها اعتبار؛ كلما زاد التحدّي لديها، وكلما بذلت جهداً أكبر
للإيقاع به؛ فإنه حين يدخل المصيَدة يفقد رونقه؛ فتُلقيه لتعود لاهتزاز
ثقتها بنفسها؛ فتتصيد رجلاً من جديد لتشعر بالثقة وهكذا دواليك.
-
وهناك من الفتيات من كانت العلاقة بينها وبين والدها سيئة؛ فكانت النتيجة
إحدى نموذجين شهيرين: الأول يظلّ يبحث عن مشاعر الحب والتقبّل من أي رجل
لتُدَاوي بداخلها تلك المساحة المؤلمة؛ لأن أباها لم يُشعرها بأنها مقبولة
لديه، أو أنه يحبها فتظلّ تُثبت لنفسها أنها محبوبة من الرجال -في شخص
أبيها- وهي كذلك لا تسعى وراء حب بين الجنسين؛ ولكن تسعى للحصول على مشاعر
الحب من الرجال؛ بغضّ النظر عن الشخص نفسه؛ لأنه ليس ذا قيمة في حد ذاته.
والثاني:
فنتيجة تلك العلاقة السيئة، ترغب في إشعار الرجال -الذين يمثّلون شخصية
الأب- بالألم كما تألمت من رفض والدها؛ وكأنها تنتقم منه في شخصهم؛ لأن
فراقهم بتلك الطريقة وبتلك الحدة تسبب لهم الألم والعذاب النفسي.
-
وهناك مَن تُعاني اضطراب الشخصية الهستيرية، وهو نوع من الاضطرابات التي
تظهر عند السيّدات أكثر من الرجال؛ حسب ما أكدت الدراسات العلمية، وهي
شخصية تحبّ المظهرية ولفت الأنظار، وأن تكون محور اهتمام المحيط الذي تكون
فيه، وهي شخصية سطحية لا تعرف المعنى العميق للعلاقات؛ فتتحدث عن الحب
والشوق والمشاعر، وحين تدخل في علاقة حب تجد نفسها سجينة سطحيتها ولا تتحمل
مسئوليات العلاقة؛ فتهرب، ولا تُكمل المشوار.. وتتحدث عن الصداقة، ولا
تستطيع أن تعطي حقوق الصداقة من بَذل جهد وعطاء وتحمّل، وتتحدث عن شوقها
وولعها للجنس بالإيحاء فقط، وتعطي انطباعاً قوياً جداً لدى الرجل بأنها تلك
الفتاة المغرية التي تتميز في مجال الأداء الجنسي، وهي في الحقيقة باردة
جنسياً، ولا تقبل فكرة ممارسة العلاقة الجنسية.
- ومنهن مَن نشأت في
جوّ من الحياة الأسرية المليئة بالمشاحنات والشجار والعنف بين الوالدين؛
فتأكّدَ لديها مفهوم أن الزواج فكرة فاشلة أو كله صعوبات ومسئوليات، وفيه
الرجل يكون شخصاً مسيطراً ومقرفاً، وأن فكرة الزواج تؤدي للكثير من العذاب
والهوان والقهر؛ فترفض داخلياً فكرة الزواج، أو تحمّل مسئولياته من بيت
وزوج وأطفال، وتضطر تحت ضغط الرغبة أو ضغط السؤال ممن يحيطون بها عن سبب
عدم زواجها للزواج؛ ولكنها بالطبع تفشل لأن الموضوع موضوع نفسي بحت؛
وبالتالي فعند اقتراب الزوج منها سيعني ذلك أنها ستبدأ في قصة الصعوبات
وتحمّل مسئوليات الحمل والولادة والأطفال.
- ومنهن من تعرّضت
لتحرّشات أو أكثر من التحرشات؛ فتكون النتيجة غالباً رفض الفتاة للرجل
وللعلاقة الجنسية؛ لأنها تُذَكّرها بتلك التجارب المؤذية التي مرّت بها،
وتكرهها بشدة، وتجعلها لا تتقبل وجود رجل في حياتها أو فراشها.
-
وهناك اضطراب آخر أكثر خطورة من الاضطراب السابق؛ ولكن يظهر في الرجال
أكثر؛ ولكن توجد سيدات مصابات به، وهو اضطراب الشخصية النرجسية، وهنا تكون
الشخصية في حالة عشق لذاتها؛ لدرجة أنها تتصور أنها مركز الكون كله؛ فتكون
شخصية مثل الطاووس، تفخر بنفسها، وتحصل على ما يعزز نرجسيتها؛ فهي شخصية
تأخذ ولا تعطي أبداً، ومن ضمن ما تأخذه، هو أن تحيط نفسها بهالة من حبّ
الرجال حولها، وتلعب بهم رجلاً وراء الآخر؛ فقط لتُرضي نرجسيتها لا أكثر..
وحين تبذل جهداً لجذبه، يكون جهداً مقابل أخْذ أكثر ستحصل عليه، وهو حب
الرجال لها من حولها.
- وأخيراً هناك اضطراب ليس أكثر خطورة؛ ولكنه
الأكثر فظاعة، وهو ما نسمّيه "اضطراب الشخصية السيكوباتية"، وهي تلك
الشخصية التي لا تعرف قوانين أو أعرافاً أو حقوقاً أو خصوصية؛ فكل شيء
مُباح؛ فلا معنى للأمانة أو الشرف؛ المهم أن يحصل الشخص على ما يريد بأي
طريقة ولا يهمّ إطلاقاً أن تكون مشروعة، ويكون حينها الحديث عن كسر قلوب
الرجال حديثاً مضحكاً لها، وليس له أي معنى.
ولكن ما يجعلني أستبعد هذا الاضطراب الأخير، هو أنك قُلتِ إن ذلك يحدث مع الرجال فقط؛ فهل هذا صحيح؟؟
وبالطبع
لكل حالة مما ذكرتُ -أو لم يسنح المجال لذكرها- طريقة في العلاج؛ لذا أطلب
منك أن تجلسي مع نفسك بهدوء وبحيادية، لتراجعي ما قُلته لك من أسباب
مقترحة لمشكلتك؛ لتحددي أيهم أقرب لك؛ لتتابعينا ونضعَ معاً بإذن الله حلاً
يُساعدك.. وفّقك الله سبحانه.