أنا باختصار مشكلتي هي سبب فشلي في حاجات كتيرة أوي، وأولها علاقتي العاطفية اللي دايماً بتتنتهي بالفشل في جميع الأحوال.
أنا إنسانه جميلة -والحمد لله- نوعاً ما؛ ده
طبعاً على رأي الناس فيّ؛ بس مشكلتي إني انطوائية، أو -بمعنى أدقّ- مش
باعرف أتعامل مع الناس كويس، دائمة السرحان والتفكير، ورأي معظم الناس فيّ
-وأولهم أهلي- إني معقّدة وباردة.
أنا من سنتين تقريباً كان ليّ علاقة بزميل في
الجامعة، كنت بحبه أوي؛ بس طبعاً العلاقة انتهت؛ لأني لما باكون مع ولد مش
باكون دايماً واثقة من نفسي، ومكسوفة جداً وباردة، وده بيخلي أي معجب يبعد
عني بسرعة؛ مع إنه في البداية بيبقى نفسه يكلمني.
ساعدوني أرجوكم.. أنا مش عارفة أعمل إيه، أنا
قررت إني ماكلمش أي ولد حتى لو زميل ليّ علشان ماحدش يكتشف عيوبي أكتر؛ بس
فيه إنسان كويس جداً متقدم لي وأنا رافضة لأني خايفة.
roro صديقتي الغالية.. أكبر مشكلتين لديك هما: عدم الثقة بالنفس، وتسمية الأمور بغير مسمياتها الحقيقية، وسأبدأ بالمسميات الخطأ..
تقولين مع الأسف: إن أهلك يقولون عنك إنك باردة، وهذه تسمية خاطئة جداً؛
فالبرود هو عدم الإحساس حين نجد سبباً للفرح، وحين نجد سبباً للحزن، وهذا
ليس صحيحاً؛ فلقد أحببت من قبل، وفاضت بك مشاعرك، وكذلك أنت تفرحين
وتحزنين؛ ولكنك فقط لا تستطيعين التعبير عما يجيش بداخلك من مشاعر، ويُلجمك
اهتزاز ثقتك بنفسك، وكذلك تصورك الخاطئ بأن لديك عيوباً صعبة عليك أن
تداريها.
ومع الأسف كان سبب هذا التصور والتشويش، هو حديث أهلك عنك وطريقة
تربيتك، وكذلك فكرة أنك معقدة؛ فالمعقد شخص يخالف العموم، ولا يتبسط في
التعاملات؛ فهل أنت كذلك؟ هل أنت متطرفة في سلوكياتك؟
لا أتصور هذا؛ ولكنك قد تكونين هادئة، أو ممن يخلقون لأنفسهم عالماً
خاصاً بهم يتعايشون فيه بين الحين والحين، وقد يكون ذلك هو نفس السبب الذي
يجعلك في حالة من السرحان وعدم التركيز.. لذا فأول شيء ستغيّرينه برأسك، هو
جعل الأشياء بمسمياتها الحقيقية؛ لأنها تختلف كثيراً.
المشكلة الثانية: هي الثقة بالنفس، وكارثة الثقة بالنفس هي أن الشخص
ضعيف الثقة بنفسه، يتصور الثقة هبة من الله حبا بها أناساً دون آخرين، أو
أنها قَدَر يتنزل علينا بالدعاء، وهي لا هذا ولا ذاك؛ ولكنها خصلة يمكن
اكتسابها ويمكن التدريب عليها بالتدرج وببعض الخطوات؛ شرط أن تعديني بثلاثة
أمور؛ وهي: أن ترغبي بالفعل في التغيير وأن تبذلي جهداً لحدوث هذا
التغيير؛ وألا تتعجلي حدوثه؛ حتى وإن لم تنجحي مرة أو عدة مرات، وإليك بعض
تلك الخطوات:
- الثقة بالنفس تبدأ حين تقولين لنفسك: إنك الآن تفهمين ما مررت به، ولم
تكوني تعين ما الأمر، والآن لا داعي أن أظلّ أسيرة الماضي؛ بحجة أني باردة
أو أن والداي لم يتعلما فنون التربية السليمة؛ فكثير من الفتيات اللاتي
ترينهن في الشارع كانوا مثلك؛ ولكنهم تجاوزوا ذلك بإدراكهم.
- أن تكوني صاحبة أمل في التغيير؛ فكلما كان لدينا أمل نجحنا، وإن حققنا
نجاحاً بسيطاً، وهذا أهم شيء؛ أن يكون لديك صبر وأمل في أنك ستكونين واثقة
من نفسك، وبدلاً من تجنب اتخاذ قرارات أو علاقات، بادري باتخاذها على أن
تقرري معها أنك ستتحملين النتيجة، ولولا هذا ما تقدّمت البشرية كلها خطوة
واحدة.
ولتبدئي في القرارات البسيطة؛ كشراء شيء، أو إنهاء علاقة تضايقك، أو
المحافظة على علاقة قائمة بالفعل، أو طريقة مذاكرة، وكلما نجحت في اتخاذ
قرار وتنفيذه -حتى لو كان بسيط- كافئي نفسك وقولي من داخلك: حسناً لقد
استطعت.
- خالطي الواثقين من أنفسهم؛ فقد يضايقك ذلك في البداية؛ لأنك لست
مثلهم؛ ولكن بالاستمرار سيحدث لك عدوى، وستكتشفين أنهم يخطئون أحياناً، أو
يقولون شيئاً غير منطقي، أو غير صائب؛ ولكن لم يمنعهم ذلك من إبداء رأيهم
ومناقشته، وأنت كذلك، وفي ذلك بروفة للتواصل مع الناس، ولو بشكل بسيط في
البداية.
- التسلح بأسلحة الثقة عن طريق اكتساب قدر كافٍ من المعرفة عما تريدين
معرفته في أي مجال حتى الإنسان وطريقة تفكيره، أو في الثقة نفسها أو في
مهارات التواصل من خلال القراءة أو متابعة هذا الأمر بالشكل الذي تحبين؛
حتى تكوني ملمة بالأمر.
- تعلّمي كيف تلاحظين نفسك وتقرئينها بأن تنظري لنفسك كأنك شخص آخر ينظر
إليها، وحددي مميزاتها وعيوبها لتتعرفي عليها من أجل زيادة إبراز واستخدام
تلك المميزات، وكذلك لتهذيب وتعديل وتطوير الصفات التي لا تحبيها، وخذي
وقتك في ذلك.
- كرري تدريبك لنفسك في القرارات والمكافآت، ولا تحزني إذا فشلت في
منتصف الطريق؛ فهذا شيء طبيعي جداً؛ ولكن التدرج ورسائلك الداخلية الصحيحة
والجيدة لنفسك وقراءتك ومخالطتك للواثقين من أنفسهم، ستجعل نفسك راضية
وتنظرين إليها أكثر احتراماً وأكثر جرأة واستقراراً.