محمود السبع اوسمتى
عدد المساهمات : 782 تاريخ التسجيل : 08/06/2011 العمر : 58 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001676606043
| موضوع: الحب..الخيالى الخميس يونيو 09, 2011 10:09 am | |
| ان هناك نوعا من البشر مهيأ بطبعه للحب, ونوع آخر غير مهيأ له ولا دخل لإرادة الانسان في وجود الاستعداد للحب أو في انعدامه, فذلك استعداد فطري بحت.. واذا وضعنا شريحة البشر ممن هم مهيأون للحب بطبيعتهم, فسوف نجد أنهم أيضا فئتان, فئة تتبادل الحب مع الآخر, وفئة يكون الشعور بالحب عندها ذاتيا لا يلتقي بأحد, وأغلب الناس من الفئة الأولي, التي تكون محبة أو محبوبة أو كليهما معا, إن المهيئين للحب جميعا, هم موضع استغراب الآخرين الذين لم يتهيأوا ـ خلقة ـ للحب. وينظرون اليهم علي أنهم سابحون في بحار الخيال ومحيطات الوهم!! وعندهم ان الحب( مضيعة للوقت) و(نوع من المرض) هم بعيدون عنه!! وعلي العكس, يري المهيأون للحب, أن تلك الفئة هي من غلاظ القلوب, وذوي النزعات المادية والقلوب المتحجرة, لكننا أمام نصنيفات البشر الي نوعيات, لا نملك أن( نقدر) حاش لله إنما نملك أن نقرر ذلك ان النظر الي عملية الخلق كلها يدلنا علي ان الله سبحانه قد خلق الشيء وضده.. الليل والنهار, والحب والكراهية حتي تستمر الحياة نتيجة الصراع بين الشيء وضده, وحتي يتيسر لنا معرفة( معني) الشيء, كما قال الجاحظ, ان الأشياء تعرف بمتضاداتها.. فأنا لن أعرف الابيض إلا اذا عرفت الأسود ولن أعرف الشر إلا إذا عرفت الخير وهكذا من هنا فإن وجود ناس لا تشعر بالحب أو لا تعترف به مع ناس تشعر بالحب وتعترف به هو أمر طبيعي.. بل ومرغوب, لأننا ببساطة لن نعرف الحب إلا اذا عرفنا الكراهية!!
واذا كان من المألوف أن يحب الانسان المهيأ للحب فإن هذا المألوف قد يواجه مصاعب أو مستحيلات حين يجد نفسه أمام احتمالات مختلفة هي:
(أ) أن يبادله الطرف الآخر نفس المشاعر وهذا هو أقصي المني..
(ب) أن يكون الطرف الآخر غير واقع في منطقة الجذب الكهرومغناطيسي للمحب.. بمعني ان يكون مجاله متنافرا معه تطبيقا للحديث الشريف( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) وتطبيقا لذلك من وجود( كهارب ممغنطة) خاصة بكل انسان علي حدة مثل البصمة الشخصية لابد أن( تتوافق) مع الكهارب الممغنطة الخاصة بالشخص الآخر وهي عملية غير مرئية, وان كانت محسوسة بطبيعة الأحوال ربما حتي من النظرة الأولي وهنا ورغم ان الطرف الآخر من تلك الفئة المهيأة للحب بالخلقة فإن التهيؤ لم يتوافق مع الحب.. فنجد انفسنا أمام حالة حب من طرف واحد.
(ج) أن يكون الطرف الآخر( المحبوب) من غير المهيئين للحب!! وهنا يكون الخطب فادحا علي المحب فهو يواجه بمن لا يحس به ولا يشعر.. ومن لا يعرف كنه هذا الحب وحقيقته بل قد يسخر منه ويتحدث عنه كنادرة من النوادر! والفرق واضح بين هذه الحالة( ج) والحالة السابقة( ب) من ان المحبوب( ج) يسخر من الحب!! بينما نجد المحبوب في حالة( ب) يعرف ويقد فيلامس شغاف القلب ربما بابتسامة أسف.. وربما بنظرة عطف أو تصرفات تحمل معني المواساة. لذلك فالحب من طرف واحد ليس علي وتيرة واحدة, لأنه في الحالة( ج) يكون قاتلا ومخيفا للمحب..!! انه كمن يصرخ في فراغ فيرتد اليه صوته في صدي يلسع ظهر الروح بسياط من نار.. ان المحب هنا لا يملك أن يغير من طبيعة المحبوب شيئا.. وليس لديه قدرة حتي علي الأمل الذي يعتبره هنا ترفا لا لزوم له لأنه حالة ميئوس من احساسها بالحب!! وويل لمن يوقعه مصيره العاثر في حب شخص من اولئك الذين خلقوا غير مهيئين للحب!!
(د) أما الحالة الفريدة المقابلة علي الجانب الآخر لحالة( ج) فهي حالة من لا يجد من يحبه!!
ان هناك من تفيض قلوبهم بالحب, ويعيشون فيه أعظم حالاته وأرقاها.. لكن حبهم يتجه نحو خيالات يصطنعونها بين الحين والآخر!! وانظر أو اسمع, الي الموسيقار محمد عبدالوهاب وهو يغني رائعته الفلسفية المتوهجة, بقلم الشاعر العظيم حسين السيد.. الحبيب المجهول!!.. حبيبي ياللي خيالي فيك, ياللي حياتي حاتكمل بيك.. مين انت.. معرفشي!! فين انت؟ معرفش!! معرفشي امتي وفين حالاقيك!! ان هذا الحبيب المجهول لا تصدر منه أية مضايقات!! ولا يعرف الهجر أو الغدر أو الخيانة أنا وحدي الذي صنعته بالخيال.. وأنا وحدي الذي أودعته كل صفات المحبوب.. وأنا وحدي الذي أحبه لأنه لا أحد يعلم سره! ان الحبيب المجهول يبدو في مخيلة المحب وكأنه شخص يعايشه! لكن المدهش أنه شخص بلا ملامح.. وبلا أبعاد أشعر به حينما أخلو الي نفسي.. أتوسد السهد وأطفيء لهب الشوق بدمع منهمر..!! ربما تحمله نغمات موسيقية من بعيد.. ياما حاولت أنساك.. وانسي ليالي هواك!! لمن تغني أم كلثوم!؟ لي أنا وحدي!! تغني باسمي.. تشدو بمشاعري وأحاسيسي!! إني أراه, عند البحر أراه.. في ظلال الشجر أراه.. في وحدتي فوق وسادتي هو في كل الفضاء من حولي.
مين انت ياللي بتشاغل أحلام شبابي بنور طيفك!!؟ من كتر فكري ماعاش وياك, أغير عليك منه وأداري!! خايف يكون لي شريك في هواك, حتي ولو كان أفكاري!!… بنده عليك في الليل مشغول بين الحبايب والخلان.. ويطول ندايا وافضل أقول, فين انت يا أملي سهران؟ أسمع صوتك يكلمني.. والدنيا ساكتة حواليا.. وألمح نورك يطمني, وأفضل أضمه بعنيا. ان هذا التصوير المذهل لحالة الحبيب المجهول يوضح ان حالة المحب هنا ترقي الي مراتب من الشفافية العليا والسمو الراقي ان هذه الدرجة من درجات الحب لا يختارها الانسان إنما تفرض عليه فرضا هو يتمني أن يلتقي بمحبوب حقيقي ولكن قلبه لا يتوافق مع قلب آخر لأنه دخل في مرحلة عشق الحب ذاته.. وفي هذه المرحلة تتسامي المشاعر الانسانية الي ذري عالية, ويتحول الانسان الي محب لكل شيء وكل مخلوق! لكنه ينفرد بدموعه الخاصة حين يهجع الي النفس المتشوقة.. يكتوي بلظي الشوق فيتناثر الشعور بالحب ليتساقط مثل رذاذ العطر علي كل الأشياء!
هنالك.. تبدو كل الأشياء جميلة.. ويبدو خالقها هو الأعظم وهو الأكمل.. وهو الأقدر علي هداية الأرواح.. ويسألونك عن الروح.. قل الروح من أمر ربي..!؟
ومن المدهش أن( الحبيب المجهول) قد يتمثل عند بعض الأشخاص في هذا أو ذاك.. أو ذلك!! فالمحب, يتصور أحيانا أن من يحبه هو( محمد).. ففيه شبه من( الشخصية) تشاغل فكره.. لكنه بعد مدة قصيرة يجد أن حبه اتجه نحو( أحمد).. متخيلا أنه هو المطلوب!! وينتقل الي( محمود) وهكذا.. وهو في كل مرة يشعر بأن هناك خيطا رفيعا يربط بين هؤلاء جميعا.. أو أنهم شخص واحد!! ويخيل لمن لايدركون أبعاد هذه الشخصية التي تتمثل بطريقة أوضح في مواليد برج الميزان أنهم بلا قلب!! مع انهم القلب نفسه!! أو أنهم لا يعرفون الحب..!! مع أنهم الحب كله!! انما هم حياري في دنيا الحب تتهادي الي أسماعهم نداءات تهفو قلوبهم اليها لكنهم بعد حين يدركون أنها ليست هي!! هم في حالة بحث مستمر عن توءم الروح التائه في زحام الصور المرئية والصور الخيالية, حتي اذا التقي النبض بالنبض وتهيأت الروح للروح وسكنت المدامع في المآقي تنجرف اليهم وبهم دفقات صاخبة من حب لا مثيل له.. لأنهم تعانقوا مع المحبوب.. أو الحبيب الذي كان مجهولا! هنا يكون حبهم أعظم حب.. ويكون سلوكهم أرقي سلوك ويكون اخلاصهم أحسن اخلاص. انما اذا لم يجدوا( شخصية) يمثلها( شخص) فإن كل الشخوص المتصورة تتداخل في مخيلاتهم, لتصبح( الحبيب المجهول) بلا ملامح محددة ولا صورة معينة والرجال والنساء في هذا الموضوع سواء.. وربما.. خلافا للقاعدة نجد ان مواليد الميزان أشد انعطافا نحو الحب العميق ممتد المفعول ربما بلا نهاية!! ذلك بالذات فى الرجال علي قدر حبهم للحب المطلق فهم في منتهي العمق والاخلاص في الحب عندما يحبون ومن الطبيعي أن يكون لمواليد الأبراج الأخري ـ هكذا خلقوا ـ صفات قد تماثل أو تزيد أو تقل عن ذلك وفقا لمتغيرات كبيرة ومن أهمها الفروق الفردية بين البشر ناهيك عن المكتسبات البيئية والوراثية والثقافية في تحديد طبيعة النظر للحب ونوعية الشخص ومدي تهيئة للحب.
إن الحب المتبادل موجود طبعا.. ومثله ـ وبنفس الثقة ـ يوجد الحب من طرف واحد, لمعلوم أو لمجهول علي أنه ينبغي ألا نبرح هذا المكان إلا ااذا أجبنا علي تساؤل طرح علينا كثيرا.. ألا وهو هل الحب في صوره التي أتحدث عنها حلال أو حرام؟ وكان من الطبيعي ألا يطرح هذا التساؤل, لسبب واضح هو أن الحلال بين والحرام بين فالحب كقيمة انسانية هو أبوالقيم العليا, لأنه يقود في رأينا ـ الي الايمان!! هو يعتمد علي( القوة الغيبية) غير المرئية هو اثبات واضح بأن من القوي الهائلة ما لا نراه.. كالهواء والكهرباء.. والحب.. حتي نصل الي خالق القوي كلها… الله..!! ونحن بقدر استخدامنا للمخلوقات تكون حرمتها أو حلها!! فالحب حلال أو حرام حسب استخدامنا له. مثل سكين واحد, يستخدمه القاتل في القتل ويستخدمه الانسان السوي في ذبح الدجاج ليعيش!! فاذا توجه الحب, لله وللأسرة وللمجتمع فهو حلال واذا توجه لإشباع الغريزة فهو حرام
| |
|