، أنا متجوزة من 5
سنوات ولم يرزقني الله بالذرية إلا في هذه السنة وعندي أحلى ابن في
الدنيا، وبعدين ربنا كرمني بالتاني جاي في السكة إن شاء الله.
وفي
عز فرحتي إن ربنا عوضني آخر صبري أنا وزوجي صحيت على حلم مزعج إن زوجي على
علاقة مع واحدة زميلته في الشغل اسودّت الدنيا في وشي، ومش عارفة أعمل طبعا
واجهته أكتر من مرة، وكان بينكر لحد ما جه في يوم، وقال لي إن الموضوع
انتهى وحلف إنه مش هيكلمها تاني، بس هي مش سايباه في حاله.. عمالة تلاحقه
وأنا هدّدتها أكتر من مرة إنها تبعد عنه تقول إنه هو اللي بيجري وراها.
هاديكم
نبذة عنها وعنه، هي واحدة شايفة حالها أوي آخر شياكة، ومش محجبة طبعا،
عربية وبابي ومامي وحاجات كده يعني، وسمعتها زي الزفت في مكان العمل بشهادة
حماتي لأنها تعمل في نفس المكان.
هو بقى محترم جدا بيصلي ويعرف
الحلال والحرام، ومالهوش أي تجارب عاطفية قبل كده بشهادة أهله جميعا، وأنا
حاولت إني أرجّعه ليّ تاني، كنت بانجح بس هي كانت سرها باتع.. طلبْت منه
الطلاق، لكن هو رفض، ففكرت في ابني واللي جاي في السكة أعمل فيهم إيه
لوحدي، وقلت أعيش كل الدنيا بتقول لي اصبري هيرجع لازم يرجع علشان ولاده.
قررت
إني أعيش معاه بدون مشاعر بس مش عارفة؛ لأني بحبه جدا، ولأني ماعرفتش قبله
راجل تاني قولوا لي أعمل إيه، لأنه بيقول إنه مش عايز يغضب ربنا وعايز
يتجوّزها وقال لي ماتمنعيش شرع ربنا وطلاق مش عايز يطلق، وبيقول ما اقدرش
أستغنى عنك وعنها.
أنا عارفة إنه حبّها واتعلق بيها ومش عارفة هي
عايزة منه إيه، أهله كلهم معايا وواقفين ضده، بس أنا ماحدش حاسس باللي
جوايا.. أنا جوايا نار أول ما اتصل بيه وألاقيه مشغول وبيتكلم معاها
بالساعات، وأنا مابيفتكرنيش بمكالمة واحدة طول النهار.
خلاص تعبت
وماتقوليش اهتمي بنفسك ومظهرك لأني بشهادته لما سألوه هي مراتك فيها عيب
مقصرة معاك في حاجة؟ قال لهم مافيهاش غلطة، وما اقدرش أقول فيها عيب قولوا
لي أعمل إيه لأني مش قادرة أمثّل دور إنه مش فارق معايا.. وآسفة على
الإطالة
.السلام عليك ورحمة الله وبركاته .. أما بعد،،،
لو
قرأت قصائد المدح التي تقولينها في زوجك كريم الأصل، الذي لا يعرف العيب
ولا الفاحشة، ولا... إلخ بالإضافة إلى شهادة أهله له، وتعاطفهم معك لتيقنت
من مدى تقصيرك في مواجهة مشكلة أقلّ توصيف لها أنها حالة عارضة طارئة تنتهي
بالوقت والصبر وقبل هذا وذاك بالحب، والحب العميق، حب الأم لابنها،
ولابنها المريض بالذات، فهذا الحب صديقتي أشد عاطفة وشفقة واحتواء، خالٍ من
أنانية الكرامة وواحدة بواحدة، ولماذا استحقّ هذا وأنا لا ينقصني شيء...
إلخ ما يعتمل في صدرك الآن، ووصل بك إلى تجميد علاقتك بزوجك، بالإضافة إلى
احتواء غضب شديد لا بد وأن يكون نتاجه من بخار يتصاعد من داخلك في كلمة،
تصرف، أو أي شيء ليس حكيما لمعالجة الأزمة.
والأزمة صديقتي تبدأ
بقولك باحاول أرجعه فبيرجع ثم يعود؛ ومن الأولى أن يكون إحساسك أنك الأساس
الذي هو مستقر عنده، وأنك السكن الذي قال عنه رب العزة في القرآن:
{وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
والسكن صديقتي هو سكون الرجل في قلب المرأة، وبشبه وضع طفلك على صدرك للرضاعة عندما يشبع ويهدأ ويسكن ويغط في نوم عميق (سكينة).
وما
أود قوله صديقتي هو أن زوجك في محنة، ولأنه يعرف الحلال والحرام يفكر في
الزواج ولو كان والعياذ بالله ممن يعرفون الحرام لما شعرت بالمشكلة، وكنت
دون علم منك أصبحت زوجة لملعون يأتي بالحرام لجسدك والعياذ بالله مرضًا
جسديًا، ولأولادك أب فاسد نسي الله فنسيه، وسلط عليه شيطانه.
ومحنة
زوجك صديقتي تشبه محنة الأطفال الذين يعشقون شيئًا ويتمسكون بالحصول عليه
حتى إذا ملكوه دمّروه بأيديهم؛ لأن رغبتهم في الشيء لم تأتِ عن عقل بل عن
رغبة، ما أن تشبع هذه الرغبة بالحصول على الشيء حتى تهدأ، ثم يكون قانون
الدنيا الذي يتلخص في أن ما تملكه اليد تزهده النفس، وهذا يؤكد لك صديقتي
مرة أخرى طيب معدن زوجك في أنه لو ملك شهوته من هذه الشهوانية لما فكر في
الزواج منها.
وقد تقولين لي: وكيف يشتهي زوج الكاملة بشهادة زوجها، وشهادة كل الناس واحدة غيرها؟!!!
والإجابة
كانت معروضة من أسبوع في فيلم إنجليزي يقصّ قصة ملك بريطانيا العظمي الذي
كان زوجا شرعيا لكاثرين التي أنجب منها أولاده حملة العرش من بعده ولكنهم
ماتوا، وفي إحدى الحفلات الراقصة رأى فتاتين لأحد وزرائه فمال قلب الملك
للصغرى وحاول التقرب منها على زوجته الشرعية، وعدد لا محدود من محظيات
يقدّمن للملك كل شهوة.
الشهوة صديقتي هي الجزء الترابي الذي يتكون
منه جسم الإنسان، ومقاومة هذا الجزء يدفع إلى المزيد، ومقاومة زوجك للحرام
من ناحية، ولهفة هذه الشهوانية من ناحية، وصدّك وعداوتك، وموقفك ضده هو
الجزء الأكبر الذي يدفعه إلى نتيجة لو أرادها الله في حلال فلن تتمكني من
منعها لا أنت ولا أهله ولا من على الأرض جميعًا.
قد تفهمين من كلامي
أن تتصرفي على إنه مش فارق معك، وهذا ليس كلامي بل العكس تماما... إذن كيف
تواجهين العاصفة مع أقل الخسائر؟ أقول لك:
اجلسي مع نفسك أولا
وتصوّري أن زوجك هذا مريض مرضا شديدا بيده وبرغبته، واسألي نفسك هل تكونين
معه ضد نفسه، وضد صحته أم تكونين له اليد الحانية الباردة العاقلة التي لا
تخفف من حمى الحرارة فقط، بل تمده بالقوة ليبرأ من هذه الحمى المؤقتة؟
فإذا
خرجت من جلستك بأن ما فيه زوجك أنت فيه أيضا، فتكونين معه وليس عليه
فستبدئين بالتصرف الواعي العاقل، ويبدأ (وأكرر بعد كبح جماح غضبك ورفضك)
بالحوار الهادئ العاقل.
قولي له كم تحبينه وتتفهمين موقفه، وأنك
تدركين حقه في الزواج مرة ثانية وثالثة وكيف شاء؛ فأنت لست ضد شرع الله
الذي يقول في كتابه العزيز:
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}. ثم ذكّريه بأن الآية تبيح التعدد مع الخوف من الظلم بعدم العدل لذا تنتهي بواحدة.
وقولي
له إنك لن تنتظري الظلم لنفسك حتى توزعيه على أولادك بالتساوي، وإنك لا
تخيريه بينك وبينها ولكن تسألينه بحق الحب والعشرة والأيام والليالي
والأطفال كيف يمكن أن يعدل بين زواج قديم وآخر جديد، ورسول الله صلى الله
عليه وسلم عانى ليتمكّن من العدل بين زوجاته، وكانت أم المؤمنين عائشة أقرب
زوجاته إلى قلبه، وكان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله ليل نهار، معتذرًا
بأنه لا يملك قلبه، قال ما معناه: اللهم إني عدلت فيما أملك فاغفر لي ما
لا أملك (ويقصد قلبه).
فقلب الإنسان صديقتي بيد مالك الملك الذي أمر
بالعدل والقسط ونهى عن الظلم؛ قال عز وجل في حديثه القدسي: "يا عبادي إني
حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".
قولي له
صديقتي بالحب والودّ والرحمة والسكن الذي بينكما إنه سيظلمك وسيظلم أولاده،
(وركّزي على هاء الضمير ليعرف أنه إذا تخلى عن أولاده لمتعته فلن يمنعك
مانع من تقليده)، وقولي له إن تعدد الزوجات ليس بابا مفتوحا على مصراعيه
لكل صاحب شهوة، إنما مرهون بالقسط والعدل والمعاشرة بالمعروف والعدل في
المشاعر صعب جدا جدا، وهو يرجع لأحاسيس القلب، ولا يوجد واحد منا أبدا من
بني البشر يملك قرار قلبه.
وأنت تضغطين على مخارج حروف هذه العبارة
الأخيرة ليفهم أن لك قلبا قد لا تملكين مشاعره، وأنه إذا بدأ كربّ للبيت
بالضرب على الدف فلن يتمكّن من منعك من الرقص كما يقول المثل العربي: "إذا
كان ربّ البيت بالدفّ ضاربًا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص".
وذكّريه
بحديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذ قَالَ: "مَنْ
كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَتَانِ يَمِيل مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى
جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أحد شِقَّيْهِ سَاقِط". هذا في الآخرة أما في
الدنيا فخزي وظلم وعذاب؛ لأنه يبني جديدا على أنقاض قديم.
الخلاصة صديقتي في نقاط:
هذه
معركة بيتك الذي هو حياتك وحبك وأولادك فاستعدي لها بكل قوة حامية حادة،
لينة هادئة صامتة إلا من كلمات قليلة وإشارات؛ بمعنى قول الله تبارك
وتعالى:
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ}.
لذلك وافقي وبين السطور قولي وبأدب وحكمة شديدة
أنه لك ما له ولن تكون نزوته على حسابك؛ بمعنى أن هذا حقه وحقك أيضا أما
حق أولادكما فعلى من يحملون اسمه قبلك، وإذا فرّط فلن تضحّي، قولي له أن
يضع نفسه مكانك، أو يضع نفسه مكان أخته يفعل بها زوجها ما يريد هو فعله..
وقولي له اختر.
الخلاصة لا تتنازلي عن بيتك وحياتك وأولادك ومعك
أسلحة كثيرة جدًا؛ أهمها الحب، والرغبة في الاستمرار، والأولاد، وأهله،
والأهم ثقتك في ذاتك أن تقنعيه بالصمت المطبق أن لك ما له وأنه إذا جاء
الطوفان فلتجعل أولادك تحت رجليك!!!
كلمة في ودنك: أعرف أن ما أقوله
صعب ولكن الحرب خدعة، وإذا تصوّر أنك ستهدمين مثله سيتراجع، ويعرف أنه لن
يكسب إلا بعد أن يخسر، وأن الجاهل هو الذي يضيع ما يملك على أمل الحصول على
ما في علم الغيب. واعلمي وتأكدي أنك ستفوزين، وستنتصرين بالصبر بإذن الله.