عايزة أحكي بس مش عارفة أبتدي منين؛ أنا تايهة
وخايفة وجوايا كلام كتير.. أنا فتاة عمري 26 سنة، وأسرتي متوسطة، أنا البنت
الصغيرة في إخواتي، ولكن الظروف جعلتني الكبيرة؛ فوالدتي توفيت منذ خمس
سنوات، ومن بعد وفاتها وأنا خايفة دايما وفاقدة الإحساس بالأمان.
أنا اتربيت إنه عيب أكلّم شاب ماعرفوش، أو إنه
يكون فيه قصة حب، وفعلا خلصت الجامعة وماكانش ليّ أي تجارب، وانتظرت فارس
الأحلام، وكان خيالي مش كبير، كان نفسي في شاب كويس وطموح ومتدين أحس معاه
بالأمان لكن ماجاش.
المشكلة بدأت إني عرفت حاجات ماكانش مسموح لي
أعرفها، فحركت جوايا شيء ماحستهوش، وفضولي خلاني أقع في غلطة كبيرة أوي!
أنا مارست الجنس مع شخص على التليفون، وأنا عارفة إنه بمثابة زنا، وجوايا
إحساس بالذنب هيموتني، وحاسة إني بقيت ساقطة، مش عارفة جوايا حاجات كتير مش
عارفة أوصفها.
مع العلم إني يقال عني ما بين الناس اللي
بيعرفوني إني بنت حلوة وعلى خلق، بس بقيت حاسة إني مش طبيعية، باظهر بمظهر
غير الحقيقة الظاهرة؛ وهي إني محترمة مع إني في الحقيقة أمارس الرذيلة..
جوايا رافضة لكني مستمرة في الفعل، جوايا كتير بس مش عارفة أقول إيه ولا
إيه
الصديقة العزيزة.. تفتكري هل يجتمع الضدان؟ يعني ممكن تشوفي الليل
والنهار مع بعض؟ أو ممكن تشعري بالبرد والحر مع بعض، أو ممكن تتذوقي حلو
ومر مع بعض؟ أو... أو... إلخ من المتناقضات التي خلقها الله تبارك وتعالى
في الكون وفي أنفسنا وفي كل شيء حولنا، يعني ممكن تكوني رافضة وفاعلة في
ذات الوقت؟!!
وهذه المتناقضات أوجدها الله لنعرف الفرق بين الظلمة التي يشعر معها
الإنسان بالرهبة والخوف والميل إلى السكن والنوم، وبين النهار الذي جعله
الله للعمل وللحياة بكل مفرداتها.
ومن آيات الله عز وجل أن لكل من النهار والليل متعته وإحساسه بمفرده؛
فإذا ما اجتمع إحساسان -أي أن يشعر الإنسان بالنهار والليل معا- فهذا من
دلالات الارتباك النفسي والمعنوي؛ وهذا مثل ما حدث معك، وبدأ بالارتباك،
ثمّ قد يتطور لأمر من اثنين:
الأول: أن يحدث الانشقاق بين النفس في كل حالة من
الحالتين.. يعني في مثل حالتك تشعرين بعدم الرضا فقط، وأنت في غير الحالة
التي تمارسين فيها ما تكرهين، فإذا جاء وقت ممارستك لما تكرهين تنسين تماما
عدم رضاك وكراهيتك لما تفعلين، يعني يكون لك نفسان وشخصيتان، وهذا مخالف
للطبيعة البشرية؛ لقوله تبارك وتعالى:
{مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} لذا تكون العاقبة وخيمة؛ حيث تختبئ النفس الرافضة لترك النفس الفاعلة،
فتتحولين معها لما لا يحب الله لك ولا يرضى؛ بمعنى أنك إذا وقعت فيما يكره
الله فسهل أن تتوقعي الفضيحة، وانصراف ابن الحلال، وقضاء العمر مع الندم
الذي لا ينفع.
الثاني: أن تتغلب النفس الشريرة، وتبيح لك ما تفعلين
بينك وبين شخص عن طريق التليفون إلى الفعل في الحقيقة؛ لتدمري نفسك بالكلية
أمام الله وأمام نفسك وأمام الناس.
ولو تصوّرت للحظة أن ما تفعلينه يراه الله تبارك وتعالى؛ لشعرت أنك
تقطعين صلتك بالله الذي بيده الخير، وبيده نصيبك في الزواج، وبيده سعادتك
مع نصيبك؛ هذا بأن يجعله لك زوجا صالحا ويرزقك منه ذرية طيبة صالحة؛ يعني
متعة دقائق قد تحرّم عليك حياتك للأبد؛ بمعصية الله عز وجل من ناحية،
وبتعوّدك على نوع معين من تفريغ الطاقة الجنسية يختلف عن نوعية ما يحدث بين
الأزواج؛ فتحرمين على نفسك الاستمتاع الطبيعي، وقد تلجئين لذات الطريقة
وأنت متزوجة؛ لتعوّدك عليها.
لذلك عليك التوقّف لفترة عن هذه الممارسات؛ لتسألي نفسك أين عقلك من هذا
الذي يحدث؟ هل ترغبين في الامتناع ابتغاء مرضاة الله الذي لا يحب المعصية،
والذي بيده رزقك في الزواج والذرية؟ إذا كان نعم.. فماذا عليك أن تفعلي
وكيف تبدئين؟
ونصيحتي لك هي:
أولا: أن تعلمي أن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان
ويعلم ما توسوس له نفسه وشياطينه من الجن والإنس؛ لذلك يقبل التوبة عن
عباده الذين تمكّنت منهم المعاصي، بل ويرضى عنهم إذا أحسنوا التوبة نية
وعملا.
ثانيا: ألا تجعلي الله تبارك وتعالى أهون الناظرين
إليك؛ فإذا فكرت وأنت تفعلين أن ربك يراك؛ ستتحول متعتك وشهوتك لشيء كريه
سترفضه نفسك؛ حيث فقد متعته وشهوته؛ يعني كلما شعرت برغبة في هذا قارني بين
فعلك لدقائق وفعل ربك في حياتك كلها.. فهو القادر على إصابتك بالمرض
والعجز -لا قدّر الله- وهو القادر على أن يرزقك الزوج الصالح. فأيهما
تختارين؟
ثالثا: اشغلي نفسك بالعبادة والتقرب إلى الله، والجئي
للصيام فإنه "وجاء" (بمعنى أنه حافظ للنفس من الشهوة والوقوع في الزنا
والعياذ بالله)، كذلك الجئي للرياضة والجري في المكان أو ممارسة أي رياضة
مرهقة؛ حتى تفرغ طاقتك الجنسية فلا تعودي في حاجة لواحد من البشر قد يتمكن
من الوصول إليك، وتهديد مستقبلك وحياتك حتى يساعدك في تفريغها.
ساعدي نفسك بعدم التفكير في هذا الفعل ثانيا، وبشغل تفكيرك بالعبادة
والعمل والرياضة؛ حتى يرزقك الله بمن يسعدك ويكون لك زوجا يحبك ويصونك.