أريد حلاً لمشكلتي.. أنا فتاة أبلغ من
العمر 39 سنة، آنسة، عندي مشكلة أريد حلها لأنها تؤرقني في حياتي.. مشكلتي
إني عاطفية جداً، أحب بإخلاص، صريحة وواضحة جداً، اتخطبت كذا مرة ولم تنجح
خطوبتي بسبب معاملتي معهم.
أنا صريحة، مش بحب الخطأ والحياة دي بقت
عايزة الكذاب المنافق، وأنا لا كذابة ولا منافقة.. أنا عايزة أحب وأتحب
بإخلاص، عايزة راجل يخاف عليّ يتقي ربنا فيّ.
أنا رسالتي لم تكن
واضحة لأني لا أعرف ماذا أكتب.. عايزة حد يفهمني عايزة حد يقدّرني إني
صريحة زيادة عن اللزوم؛ لكن الدنيا والرجالة مش عايزة البنت الصريحة، عايزة
البنت المنافقة الخاينة، وأنا مش من طبعي الخيانة ولا النفاق.
w عزيزتي:
إنه من الجميل أن يكون الشخص واضحاً وصريحاً، ولم تكن العاطفة أو
الرومانسية في يوم ما عيباً يخجل منه الإنسان؛ ولكن يا عزيزتي كل شيء في
المعقول جميل وجيّد، لأن الشيء إن زاد عن حده انقلب إلى ضده.. أيضاً يا
عزيزتي ينبغي أن تعرفي أن هناك صراحة جميلة يحبها الآخرون ويحبّذونها
ويتفهّمونها ويحترمون رأي صاحبها؛ في حين أنه على النقيض يوجد صراحة تصل
إلى حد الوقاحة، يمقتها الآخرون، ولا يحبّذون التعامل مع صاحبها، ويضجرون
منه، ويبتعدون عنه؛ لأنها تكون صراحة جارحة للطرف الآخر.
لذا عليك
أن تُفرّقي بين الصراحة والوقاحة؛ فأسلوبك في الصراحة هو الذي يُبنى عليه
مدى تقبّل الآخر لصراحتك من عدمه، ومن الواضح يا عزيزتي أن صراحتك التي
تتحدثين عنها، جعلت العديد من الأشخاص الذين تقدّموا لخطبتك يبتعدون عنك؛
لأنهم وجدوا أنك تجرحين كبريائهم بهذه الصراحة؛ لذا عليك أن تغيّري من
أسلوبك قدر المستطاع، حتى لا تخسري كل من هم حولك، وحتى تنعمي بحياة سعيدة
ومستقرّة مع الإنسان الذي يختاره قلبك.
فأجد أنه لا مانع من التعبير
عن رأيك في الشخص الذي أمامك؛ ولكن اجعليه دائماً في صورة اقتراح وليس في
صورة نقد لاذع قد يضايق الآخر؛ فامتدحي طريقته وفي الوقت نفسه ضعي
ملاحظاتك؛ فمثلاً لو كان الشخص الذي أمامك يرتدي ملابس غير متناسقة أو غير
جميلة، وطلب منك التعليق على هذه الملابس وإبداء رأيك فيها؛ فعندها يمكنك
أن تقولي له "هي لطيفة، ولكن أعتقد أن الطقم كان سيكون أجمل لو كان القميص
بالشكل الفلاني، والكرفاته باللون الفلاني، والبنطلون أطول قليلاً".. وهكذا
فهذه صراحة، ولكن في شكل لطيف، وفي شكل منمّق لا يُغضب الشخص الآخر منك،
ويجعله يُبدي استحسانه لرأيك ويستمرّ في أخذ رأيك دائماً.
أما عندما
يحاول شخص أن يأخذ رأيك وتقولين له "لا هذا الطقم عليك سيء جداً، ولا
ترتديه مجدداً"، أو "إيه اللي إنت لابسه ده، ده مش متناسق مع بعضه، وملخبط
كده".. فهذه أيضاً صراحة؛ ولكن فيها الكثير من الوقاحة، وسوء الأدب مع
الآخر.
لذا عليك أن تكوني ذكية في صراحتك، حتى تربحي دائماً ولا
تخسري من حولك دون قصد منك، ولا تعتبري هذا نفاقاً؛ لأن المجاملات جزء من
حياتنا وهي ليست نفاقاً طالما أنك لا تبتغين من ورائها شيئاً أو خدمة ما من
هذا الشخص؛ فأنت تقولين هذا لإسعاد من حولك، ولم يكن أبداً إسعاد الآخرين
نفاقاً، فتبسّمك في وجه أخيك صدقة؛ فهل معنى هذا أنك تُنافقين الشخص الذي
أمامك، عندما تبتسمين في وجهه، وهو لا يستحق هذه الابتسامة؟ لا، قطعاً لا.
وتأكّدي
يا عزيزتي أنه لا يوجد شخص على وجه الأرض يقبل الخيانة، أو يُفضّلها على
عدم الخيانة، وعلى الإخلاص في كل زمان ومكان؛ لأن هذه طبيعة بشرية جُبِل
عليها الإنسان، أن يكره الخيانة ويحب الإخلاص.
وعليك يا عزيزتي
عندما تتعاملين مع الآخرين أن تضعي في اعتبارك أنك تُعاملين الله أولاً
وليس الناس، وأنك عندما لا تكذبين؛ فأنت تفعلين هذا لأجل نفسك، وليس لأجل
الآخرين، وعندما تُخلصين فهذا لأنك تُعاملين الله وليس الآخرين، ولأنك
تنتظرين الجزاء من المولى عزّ وجل وليس من البشر.
وثقي أن الله لا
يُضيع أجر من أحسن عملاً، وطالما أنك تُراعين الله في كل تصرفاتك؛ فسوف
يرزقك بالإنسان الذي يقدّرك ويعرف قيمتك؛ ولكن في الوقت نفسه حاولي أن
تُغيّري من نفسك إلى الأفضل دائماً وليس إلى الأسوأ.
أتمنى أن أكون
قد استطعت توضيح بعض الأمور لك والتي من الممكن أن تدفعك قُدُماً في حياتك،
وتغيّر بعضاً من الأمور التي تتسبب في تعاستك.