.. أنا
متزوجة من خمس سنين؛ بس مع الأسف بقالي سنة مش عايشة مع جوزي، عايشة عند
أهلي؛ لأن زوجي بيشتغل في مجال السياحة، وبيشوف حاجات كتير، وكمان عنده
أصحاب بيسمع منهم حاجات كتير عن مواضيع الخيانة الزوجية، وده ولّد فيه شعور
بعدم الثقة فيّ، وابتدى يتّهمني اتهامات بشعة؛ لدرجة إن اللي بينّا وصل
للمحاكم، وعلى وشك الانفصال.
بس اللي مزعّلني إن عندي بنتين منه، والأكثر إني
لسه بحبه؛ لكن هو كثير السب والإهانات؛ حتى لما حاولت أكلمه في التليفون
كان بيهزّقني وبيهينّي؛ برغم إني كنت باحاول أصلّح اللي بينّا..
المهم إنه عمل علاقة مع واحدة جارتنا في مسكن
الزوجية، وهي متجوزة وعندها أولاد، وكان سبب في طلاقها.. وكان ماشي ورا
كلامها، ومصدّقها في اللي كانت بتحكيه عليّ علشان تخلّيه يطلّقني.. لكن
دلوقتي هي سابته واتجوزت واحد تاني بعد ما ضِحكت عليه، واستغلّت غيابي.
ولما سابته رجع تاني يدوّر عليّ؛ لكن أنا خلاص
مابقيتش على استعداد أرجع له؛ لكن الكل بيقول لي: ارجعي علشان أولادك، وأنا
مش هاكون عندي ثقة فيه، ولا هاقدر أتحمله تاني، وهاضيّع نفسي معاه إذا
رجعت له.
وكمان أنا اتقدم لي شاب كمان ماسبقش ليه الجواز، ومقدّرني وبيحبني، وعلى استعداد يعمل علشاني أي شيء.
أنا دلوقتي مش عارفة أعمل إيه.. أرجوكم ساعدوني.
H.E تعاطفت معك واحترمت ألمك، ورفضت دفاعك الزائد عن زوجك ومحاولاتك لتبرير
خياناته وإهاناته لك بسبب عمله في السياحة؛ وكأن كل من يعمل في السياحة
يخون زوجته، وكأن رؤية بعض الخائنات، تبرر لزوجك اتهامك بالخيانة، وهو أمر
بشع لا يمكن التساهل فيه؛ لأن قبولك له أو المبالغة في الدفاع عن النفس
يؤدّيان لنتائج عكسية؛ حيث يرسخ بداخله الشك، وأفضّل رفض الاتهام والردّ
بالكلمات التالية: "ما تقوله أمر بشع، وأنا أتعفّف من الرد عليه".
وسامحيني لأمانتي التامة؛ فهذا دورنا.. فدفاعك الغريب عن زوجك وتبرير
خيانته بأنه يسمع أموراً سيئة من أصدقائه؛ أشعرني كأنك تتحدثين عن طفل
ساذج، وكأن أصحابه إذا قالوا له اشرب ماء ملوثاً فسيشربه.. كما تبررين
خيانته لك بأن جارتك خدعته وأخبرته بكلام سيئ لتُقيم معه علاقة وليطلقك،
وهو ما يوضّح أنك تُصرّين على إعفائه من تحمّل أية مسئولية حقيقية عن
جريمتي الخيانة والشكّ بك.
صدقيني لا أريد إيلامك؛ ولكن لا بد من وضع النقاط فوق الحروف..
وأُقسم لك أنني أحترم حبك لزوجك ومحاولاتك للإصلاح، ولا أرفض ذلك لسبب
وحيد؛ أنها حياتك وأنت وحدك صاحبة الحق في اختيار ما ترين أنك تحبين مزاياه
أكثر، وتستطيعين تحمّل عيوبه برضا حقيقي أيضاً؛ فلا يوجد اختيار بلا عيوب.
وأؤكد لك أنني أرفض تماماً أن تواصلي زواجك من أجل البنتين فقط؛ فهذا
يؤذي الجميع.. فلن تسعدي مع زوجك وأنت تشعرين بالاضطرار للعيش معه، ولن
تقومي بدورك كأم بأفضل ما يمكنك، وأنت تُحسّين بالتضحية من أجل البنتين،
وستتوقعين أن يردّا لك الجميل ولن تفعلا؛ ليس لأنهما سيئتان؛ ولكن لأنهما
لم يطلبا منك الزواج من والدهما ولا العودة إليه.
ولن يسعد زوجك معك عندما يتأكد أنك لم تعودي إلا بسبب الطفلتين، وسيبرر
لنفسه العودة للخيانة، وسينعكس كل هذا المناخ -بالغ السوء- على الطفلتين،
وسيخسر الجميع، لا قدر الله.
وأصارحك بأنني توقّفت طويلاً عند الشاب الذي تقدّم لخطبتك وأنت ما زلت
زوجة، وهو ما يخالف الدين؛ بل والذوق السليم أيضاً.. ولا شك أنه لن يقبل
بذلك لزوجته أو لأخته، وأتساءل لماذا قَبِله لك؟
وأرجو ألا تقولي لأنه يحبني بشدة، وأتمنى ألا تتحدثي معه أبداً؛ فهذا
حرام شرعاً؛ فقد نهى رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، أن يتقدم أحد
لخطبة فتاة تمّت خطبتها؛ فما بالنا بزوجة؟!!
وتذكّري ألا تخبري أحداً بهذا الأمر حتى لا تسيئي لسمعتك؛ لأن الله يغفر للجميع ألا المجاهرون بالمعصية كما جاء في الحديث الشريف..
واغتسلي بنية التوبة، وصلّي ركعتي توبة، وكرري ذلك مع الاستغفار
والإكثار من الأعمال الصالحة؛ فتفكيرك في غير زوجك هو نوع من الخيانة التي
لا يمكن خداع النفس بتجاهلها، غفر لنا الرحمن جميعاً ذنوبنا.
ولا بد من قطع أية علاقة بهذا الشاب؛ سواء كانت مباشرة أو عبر وسيط؛ حتى
إذا كنت تريدين الطلاق؛ فلا بد أن تمتنعي تماماً عن أي لقاء أو حديث مع
الشاب أو عنه مع أي أحد؛ حتى يتمّ الطلاق وتنتهي أشهر العدة، وترتاحين لبعض
الوقت، وتقومين بعلاج جراحك النفسية والعاطفية، ثم تبدئين في التفكير
بهدوء شديد في مزايا وعيوب هذا الشاب، وهل تمكّنت من نسيان حبك الشديد
لزوجك؟ أم ستتزوجين هذا الشاب لتردّي اعتبارك أمام زوجك السابق، وربما أمام
جارتك الخائنة، أو لتُثبتي لنفسك وللناس أنك لا تزالين مرغوبة -برغم
طلاقك- من شاب لم يتزوج من قبل؟
فقد يُسعدك ردّ الاعتبار لبعض الوقت ثم تفاجئين بمشاكل الزواج الثاني،
وأهمها عدم تخلّصك من حبك لزوجك الأول، وابتعاد طفلتيك عنك؛ فغالباً
سيأخذهما والدهما، وهذا حقه شرعاً وقانوناً، أو ستضطرين لتركهما لوالدتك
بعد زواجك.. فهل لديك الاستعداد لتقبل ذلك؟ وهل بإمكانك تعويضهما نفسياً
وعاطفياً عن ابتعادك عنها دون تدليل زائد يُفسدهما، أو جفاء يؤذيهما؟
حماهما ربي وأسعدهما..
ومن حقك بالطبع الإصرار على الطلاق والزواج الثاني بعد فترة نقاهة جيدة
بشرط عدم التخلي عن الاهتمام بالطفلتين بأفضل صورة ممكنة، وثقي أن أبناء
الطلاق يمكن أن يفوزوا بحياة أفضل من أبناء المتزوجين الذين يعيشون في
مشاكل وصراعات متواصلة، إذا حرص ولو طرف واحد على التعامل معهم بصورة جيدة،
وكان وسطاً في التربية، ولم يذكر الطرف الآخر بأي سوء؛ حتى لو بادر
بالإساءة.. وصدّقيني فإن الأطفال ينشئون أسوياء ويحققون النجاحات في الزواج
وباقي جوانب الحياة..
لذا فأمامك خياران: إما طلب الطلاق ودفع فاتورته العاطفية والنفسية،
وتتمثل في ابتعادك عن زوجك الذي تحبينه، والاجتماعية وتتلخص في المضايقات
التي ستتعرضين لها من الصديقات والأهل والطمع من بعض الرجال العابثين، وقد
يتأخر زواجك الثاني أو تكتشفين أن الشاب الذي تقدّم لخطبتك -وأنت لا تزالين
زوجة- غير جادٍ، أو لم ترغبي في الزواج منه بعد الخروج من جو المعارك مع
زوجك؛ ففي المعارك غبار كثير يمنع وضوح الرؤية..
كما قد تعانين بعض المشاكل المادية بعد الطلاق، ولا بد من الاستعداد لها
بحسن الإعداد لما بعد الطلاق، وأفضّل التفاهم الودي، مع ضرورة عدم الإساءة
لطليقك بذكر خيانته؛ سواء لطفلتيك حتى لا تتشوه صورة الأب لديهما، ولا لأي
أحد؛ حتى لا تصبحي حكاية تتناقلها الألسن، وأيضاً حتى لا تحرضيه على
الإساءة إليك.. واكتفي بالقول بأنه لم يحدث نصيب.
أما إذا اخترت العودة لزوجك؛ فلا بد من تأجيل الإنجاب حتى تتأكدي من
تخلّيه عن الفاحشة، وهي الاسم الحقيقي لما يفعله بكامل إرادته وهي من
الكبائر بالطبع، مع تغيير كل تصرفاتك وأقوالك معه؛ فقد تألّمت كثيراً؛ لأنه
كان يقوم بإهانتك وأنت تكلمينه للإصلاح.
فلا بد أن يعرف أنه ارتكب جرائم كثيرة، وأنك لن توافقي بسهولة على
العودة إليه، وأن حبك له ليس أمراً مضموناً مهما خانك أو أهانك، ولا بد أن
تحبي نفسك بالابتعاد عن أسلوب التوسّل إليه ليكتفي بك، وأيضاً لا تقومي
بسبّه أو إهانته، وامنحيه وقتاً ليثبت ندمه على خيانته وشكوكه، ولا تخبريه
بمن تقدّم لخطبتك حتى لا يعايرك به، أو يقول إنه كان صادقاً في شكوكه، ولا
تعودي إليه إلا عندما تشعرين أنه يريد التغيير فعلاً، وبعد أن يبدأ خطوات
جدية أيضاً.
ولا تتعجلي العودة ولا تتحملي ما تكرهين؛ فهذا أمر غير عادل ولا تسمحي
له بإهانتك أو بالشكّ فيه أبداً، وأشعريه بالتصرفات وليس بالكلام بأنه كان
من السهل عليه إهانتك؛ ولكن من الصعب كثيراً العودة إليه إلا بعد أن يُقدّم
ما يثبت أنه لن يكررها ثانية.
أخيراً.. أتمنى قراءة الرد بهدوء عدة مرات، وصلي ركعتي الحاجة ليساعدك
ربي على الاختيار الأفضل لك ولطفلتيك على المدى البعيد وليس الآن فقط.
وفّقك ربي ورزقك حياة أجمل أنت وكل من تحبين.