أنا مخطوبة من حوالي شهرين ونص وخطيبي بيموت فيّ، بس أنا مش حاسة
بنفس الشيء ناحيته، وهو بيكلّمني كتير أوي وأنا أوقات بابقى تعبانة ومش
عايزة أتكلم معاه، أنا بادرس دراسات عليا، وباسافر عشان أروح الجامعة، وهو
عارف إني بابقى تعبانة وعايزة أرتاح؛ بس برضه هو بيتكلّم كتير ويمكن كمان
ما يكونش فيه حاجة نتكلّم فيها؛ بس هو بيحب يتكلّم وبس من أجل الكلام، وأنا
بصراحة بتخنق منه.
هو شخص كويس؛ بس أوقات باحس إنه سلبي جداً،
وكمان باحس كتير إنه هايف وتافه، وبعدين هو مش طموح؛ إنسان واقف مكانه مش
عايز يتحرّك، وأنا طموحة جداً، وساعات باحس إني ما أقدرش أعتمد عليه، بعدين
أنا عشت وشفت في حياتي نماذج الراجل عديم المسئولية، وأنا مش حاسة إني
هاقدر أتحمّل وضع زي ده.
أنا عارفة إني إنسانة مش رومانسية ولا حساسة
وهو متحمل حاجة زي دي، وبعدين هو دايماً بيقول لي إني لو فسخت الخطوبة ممكن
يموت؛ بس برضه أنا مش هاقدر أكمّل بس عشان كده.
أنا مش باظلمه، هو شخص جدع وبيحبني جداً وبيخاف على زعلي؛ بس أنا تعبت من الوضع ده، أنا محتاجة حد أقدر أعتمد عليه ويشيل مسئولية.
هو أنا كده باكون ظالمة ولا إيه؟ أرجو الرد؛ لأني مش قادرة أتوصّل لقرار سليم بدون ما أجرح حد.
atawab اسمحي لي أن أعبّر عن إعجابي الشديد بشخصك أيتها الأخت العزيزة؛
فأنتِ عملة نادرة في زمن الحب والعواطف والكلام في التليفون عمال على بطال،
والشاب والفتاة لا يشعران بالمسئولية التي هما مقدمان عليها؛ لذلك تشتكي
"محكمة الأسرة" من قضايا التفريق بين هؤلاء الذين فضّلوا الحب على العقل.
وأنتِ
صديقتي عرفتِ ما هو الزواج في الدين يقول تبارك وتعالى: {ومن آياته أن خلق
لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك
لآيات لقوم يتفكرون}.
فأنتِ مِن المتفكّرين صديقتي؛ لأنكِ علمتِ أن
قوام الزواج هو السكن وهو المودة والرحمة.. وبما أن السكن أولاً، إذن يأتي
الزواج أولاً، ثم تنشأ المودة والرحمة بالعشرة الطيبة، وحُسن المعاشرة.
إذن
حب قبل الزواج العارم هذا ليس من مفردات الزواج؛ لأن درجات حرارته متعددة،
تبدأ بالكلام الكثيــــــــــر وتنتهي بالخرس الزوجي، أما المودة والرحمة
فتزيد يوماً بعد يوم.
النقطة الثانية قول الله تبارك وتعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}.
قوامة
الرجل على المرأة صديقتي: مسئولية وليست امتيازاً وتشريفاً بل تكليفاً؛
فمعنى قوّامون على النساء أنهم مكلّفون برعايتهن والسعي من أجلهن وخدمتهن،
إذن فالقوامة تكليف للرجل ومسئولية، وفي نفس الوقت تشريف له.
وهذا
ما يُؤكّده الحديث الشريف: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته؛ الإمام راعٍ
ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية
في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيّده ومسئول عن
رعيته".
إذن القوامة مسئولية ورعاية وإيجابية؛ فالزوج كربّان
السفينة الذي يملك زمام أمورها ويسير بها بعيداً عن الصخور، مستعد للعواصف
والأزمات.
لهذا فضّل الله تبارك وتعالى الرجال على النساء درجة قال
تعالى: {وللرجال عليهن درجة}. ومعناه أن النساء شقائق الرجال متساوون أمام
الله تبارك وتعالى في الحقوق والواجبات، ويزيد الرجل درجة في العقل
والحكمة، وتزيد المرأة نفس الدرجة في الرحمة والشفقة وفي الحمل والرضاع
والصبر حتى يصير الجنين رجلاً.
وهذا معنى قول الله تبارك وتعالى:
{بما فضّل الله بعضهم على بعض}؛ فالرجل أفضل في القوامة التي تحتاج إلى فضل
مجهود، وحركة، وكدح من جانب الرجل ليتحمّل مسئولية زوجته وبيته وأولاده
المالية والنفسية والجسدية بما يتمتع به من الفضيلة والخلق والمنزلة
والطاعة والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة.. وهي أفضل
بما تملك من حب وشفقة وصبر وتحمل.
صديقتي إن مشروع زواجك من خطيبك
هذا لا تتوفّر فيه شروط الله عز وجل من ناحية القوامة التي هي المسئولية
والإيجابية، كذلك يفتقد شرطاً آخر ضرورياً وهو الكفاءة في درجة التفاهم
النفسي والعقلي بينكما بما يُسمّى الإيجاب والقبول، كذلك التكافؤ الدراسي
الذي يلزمه؛ إما أن تكونا على مستوى واحد أو يكون الرجل أعلى. أما إذا كانت
المرأة أعلى فهنا يحدث الخلل وعدم التوافق.
صديقتي.. إنك على صواب،
وسعيك لفسخ الارتباط ليس فيه ما يسمى حلالاً أو حراماً؛ فدرء المفاسد
مقدّم على جلب المصالح؛ فإذا كانت المفسدة أن خطيبك هذا سيحزن لفراقك فترة؛
فالمصلحة تقول إن الفراق الآن وأنتم على البر أكرم، وأفيد لكل منكما من
الفراق فيما بعد.
استعيني بالله صديقتي وبصلاة الاستخارة والصلاة
عمومًا، وثقي أن الله تبارك وتعالى سيرزقك الطريقة التي تنتهين بها من هذا
الموضوع دون جرح لمشاعره ودون أن تفقدوا الاحترام بينكما