أنا بنت
عندي 16 سنة و7 شهور وفي تانية ثانوي، أنا عارفة إني لسه صغيّرة، بس أنا
نفسي أبقى بافهم في كل حاجة، نفسي أبقى بافكر زي الكبار، أنا عارفة إن كل
حاجة في وقتها، بس مش عارفة دايماً حاسة إني عاوزة كده، وفيه حاجة كمان أنا
على طول بافكر على الفاضي والمليان في أي حاجة تضايقني وأشيل في نفسي،
ماما وإخواتي أحياناً بيقولوا ليّ إني معقدة، لكن ما حدش عمره من بره قال
لي كده، كل أصحابي عمرهم ما اشتكوا مني، ولما كنت أسأل زميلتي وأقول لها:
هو أنا معقدة؟!! تقول لي لأ خالص، أنا باضحك مع الناس وكل حاجة، بس أكيد في
تصرفات بتخليهم يقولوا لي إني معقدة؛ يعني مثلاً أنا بحب النظام جدًّا في
وقت الناس كلها ما عندهاش نظام خالص فمن هنا بيحسوا إني معقدة، أنا مش
شايفاها مشكلة أو حاجة، لكن كلامهم ده بيضايقني، ولما أقول لماما تقول لي
إحنا أهلك ولازم ننصحك، بس مش بيبقى أسلوب نصيحة؛ يعني مثلاً يقولوا لي
إنتِ لو مسكتِ موظفة حكومية يا عيني على الناس اللي هتتعامل معاكِ، وإنتِ
روتينية وإني محبكاها زي ما بيقولوا.. مش عارفة أعمل إيه؟ فيه حاجات كتير
جوايا حاسة إن جوايا زحمة جامدة أوي، مش عارفة أنا فعلاً معقداها وروتينية
ولّا هو ده المفروض؟!! كل حاجة باخدها على أعصابي أنا ساعات من كتر ما أنا
بتضايق باحس إن دمي بيوصل لحد راسي، مش عارفة أعمل إيه مع إني عارفة إن ما
فيش حاجة تستاهل، أحياناً باقول لنفسي فكي وعيشي، بس مش قادرة أغيّر طبعي،
هل دي قلة ثقة بالنفس.. ولّا أنا كده إيه؟ عاوزة أبقى واثقة في نفسي، قولوا
لي أعمل إيه أنا عندي زحمة أوي جوايا، ومش عارفة هتتفك إمتى الزحمة دي؟!!
وشكراً..
yasصديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
التفكير
من أهم ما ميز الله به بني آدم دون المخلوقات الأخرى؛ فهو صفة راقية،
وليتنا نُفكّر دائماً ونُحكّم عقولنا.. لكن ما من شك أن ما زاد عن الحد
يُعتبر أمراً سلبياً وضاراً، والتفكير الزائد عن الحد -بحيث لا نستطيع أن
نوقف سيل الأفكار أحياناً- يعتبر نوعاً من الوسواس القهري، وهو إحدى سمات
الشخصية الوسواسية المهيأة للإصابة بالوسواس القهري فيما بعد ما لم تنجح في
التعوّد على المرونة، وهذا هو مدخلنا يا عزيزتي لنفهم يعني إيه كلمة
"معقدة" التي نسمعها أحياناً، إنها كلمة تصف الشخصية اللي محبكاها أو
الشخصية اللي ما بتفوّتش.. يعني إيه؟ يعني الشخصية الوسواسية أو بحسب
التقسيمات الحديثة للشخصية المعروفة بأنواع الشخصية التسعة هي ما يطلقون
عليها اسم "الشخصية المثالية" أو "الشخصية رقم 1"، وما هي مواصفات هذه
الشخصية؟
1- حب الروتين الزائد.
2- التدقيق الزائد في الأمور.
3- رفض الخروج عن المألوف ورفض الترفيه أحياناً.
4- النقد للآخرين والعناد.
5- الافتقار إلى سرعة البديهة، والتصرّف في المواقف الطارئة رغم ذكائه (لأن أي حاجة يعملها لازم يكون مرتّب لها قبل ما يعملها).
6- المثالية التي تعيق عن إتمام الواجبات أحياناً.
7- الاستغراق بالتفاصيل والترتيب والتنظيم مما يعيق حياته مع الآخرين أحياناً.
8- يرغب في تنفيذ كل الأمور في الحياة وفقاً لمقاييس محددة حتى يضمن عدم الخطأ.
9- ضميره يقظ بل ويشعر بالذنب لأتفه الأسباب أحياناً..
عزيزتي
ليس بالضرورة أن تكون لديك كل هذه الصفات، لكن ربما بعضاً منها، كما أن
لهذه الشخصية مزايا وهي الإنتاجية والانضباط والأمانة والإخلاص في أي عمل
يقوم به صاحبها، لكن المشكلة تحدث إذا زادت سلبيات الشخصية عن جوانبها
الإيجابية؛ بحيث تصل السمات الوسواسية إلى درجة الاضطراب، وقد يحدث هذا
كنتيجة للتنشئة الصارمة كثيرة النقد للأطفال مع كبت الطفل أو المراهق
لمشاعر الغضب والعدوان؛ نتيجة كثرة النقد أو نتيجة لمشاعر الذنب نتيجة
لممارسة العادة السرية في المراهقة فينتج عن ذلك زيادة شدة السمات
الوسواسية كتنظيم خارجي يعوّض الشعور بحالة (اللخبطة) النفسية الكامنة في
العقل الباطن..
عزيزتي ما زلتِ صغيرة والفرصة أمامك عظيمة لتغيير
ملامح شخصيتك نحو الأفضل، وإليك بعض الإرشادات لتعلّم المرونة (عشان تفكي
وتعيشي) زي ما نفسك تعملي:
1- تصالحي مع نفسك: يعني إيه؟!! يعني لو
في داخلك مشاعر عدوان وغضب تخلّصي منها، وذلك بالتخلّي عن الحساسية الزائدة
في المعاملة مع الآخرين، والوقوف عند آرائهم دون غضب محاورة نفسك (مش يمكن
عندهم حق)، طيب أنا غلطانة في إيه وإزاي ممكن أغيّر ده؟ كما عليك أن تعي
توقعاتك لما تنتظرينه من الآخرين والتي تشعرك بالغضب دائماً إذا خالف فعلهم
توقعاتك.
2- ابحثي عن الأشياء التي تمتعك وتسعدك، واجعليها أدوات
للاسترخاء حتى تسترخي من وقت لآخر، فتهدأ حالة الشد العصبي والتوتر؛ لأن
التوتر والقلق يزيد من حدة السمات الوسواسية.
3- تعلمي أن للآخرين
أفكارهم وطريقتهم في الحياة، ولا بد أن نحترم طرق الآخرين وأساليبهم في
الحياة حتى وإن اختلفت عن أسلوبنا وخالفت أفكارنا. فمن المستحيل أن يكون
لنا جميعاً نفس الأفكار والأسلوب في الحياة.
4- أوجدي لنفسك أوقاتاً
تصبحين فيها كالأطفال تلعبين وتقفزين وتغنين؛ لأن تنشيط الطفل بداخلنا
يساعد على كبح الجدية المفرطة التي تُنشّط وتزيد السمات الوسواسية.
5- عددي علاقاتك الاجتماعية من الأهل والأقارب والأصدقاء وتفحصي طرق الآخرين وتعلّمي منهم.
عزيزتي
إن ما ذكرته عن موضوع ثقتكِ بنفسك ناتج عن أنك في الغالب تُحمّلين نفسك
فوق طاقاتها، وربما يجعلك ذلك تنهارين مع أقل مشكلة أو تنظرين لأتفه الأمور
أحياناً على أنها مشكلة صعبة فلا تشعرين بقدراتك ولا تستمتعين بإنجازاتك..
عزيزتي
هيا ابدئي ومتعي نفسك بالحياة، وحافظي على الجوانب الإيجابية من شخصيتك،
ولا تجعلي الجوانب السلبية تجرفك في تيارها لدوامة الوسواس القهري.
وفقكِ الله،،،،