نفسي أكون كويسة؛ بس فيه حاجات كتير
باعملها مش كويسة زي مثلاً: مش منتظمة في الصلاة، وممكن أسمع أغاني وأفلام،
وأزعّل ماما مني بحاجات هايفة، مش بيكون قصدي طبعاً، باعامل الناس بطريقة
جافة جداً؛ وخصوصاً الرجالة؛ لأني باخاف أتعامل معاهم.
وكمان مش لاقية هدف لحياتي، عايشة وخلاص باحاول أعمل حاجة؛ بس مش عارفة، وظروف البيت تمنع الخروج إلا لسبب مهم جداً.
ما عنديش علاقات مع حد كتير وطول ما أنا لوحدي باحس إني باتدمّر وعمري ما هاقوم تاني.
أعمل إيه علشان أكون أحسن في عبادتي وتعاملي مع الناس وماما، وأكون مفيدة في المجتمع، وليّ وجود.
rikaصديقة بص وطل العزيزة... لو تأملت الحياة من حولك لوجدت لكل شيء هدفاً
محدداً لهذا الشيء ليحققه؛ فلو نظرت على سبيل المثال للساعة التي في يدك أو
على الحائط لاكتشفت أنها تعلن عن الوقت على مدى اليوم والليلة، ولو أهملنا
ضبطها ووضع الحجارة التي تعمل بها لتوقفت عن العمل وفقدت وظيفتها.
وهكذا
كل شيء خلقه الله تبارك وتعالى له هدف وله غاية؛ فالنجوم مسخّرات بأمره
تبارك وتعالى؛ لتنير لنا الظلام، ولتدل على الخالق، وهكذا الشجر والكائنات
كلها.. حتى ما نراه نحن ضاراً ومؤذياً له عند خالقه هدف وغاية.
وغاية
رب العالمين من خلق الإنسان هي العبادة قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}؛ هذه الآية تكلمت عن العِلّة
التي خلق الله تعالى الناس لأجلها وهي العبادة، وسمّيت عبادة؛ لأنها تمهّد
النفس لطاعة الله تبارك وتعالى؛ فكما أن هناك أرض معوَجّة تحتاج للتعبيد
(وضع الأسفلت بعد دق الأرض وتسويتها)، هناك نفس معوَجّة.
وحتى
تُسمّى عبادة؛ فإنها تحتاج لمشقة وقسوة في التعامل ومغالبة؛ لأن طبيعة
النفس ليست معتدلة ومستوية؛ لكنها متعرجة وتحتاج إلى تدريب حتى تصل إلى عمل
الطاعات بالقرب من الواجب والقيام به خير قيام، والبعد عما نُهِي عنه
واجتنابه.
وطاعة الله -أختي الكريمة- ليست في العبادات التي هي جزء
من الدين، وليست كل الدين؛ فالصلاة والصيام والزكاة والحج بدءاً بشهادة ألا
إله إلا الله محمد رسول الله هي جزء من الدين تسمى الأركان، وباقي الدين
معاملات؛ وكما يقول صلى الله عليه وسلم: "الدين المعاملة".
ثم أخلاق
في العبادات وأخلاق في المعاملات؛ فلا خير في صلاة لا يراعي صاحبها
الأخلاق بالابتعاد عن الفاحشة والمنكر؛ فالآية صريحة تقول: {إِنَّ
الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ}، ولا خير في معاملة
تقودك إلى الخشونة؛ فقول الله تبارك وتعالى صريح يقول: {وَلَوْ كُنْتَ
فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}. ولا خير في صدقه
يتبعها مَنٌّ أو أذى قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن
صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيم}.
إذن فلقد
خلق الله عز وجل الإنسان في العموم للعبادات والمعاملات بالأخلاق؛ فلماذا
خلق الله الرجل والمرأة؟؟ قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم
مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
إذن
فأنت اليوم أو غداً زوجة إن شاء الله لزوج صالح ترزقين منه بذرية صالحة؛
فهل تدرّبت في بيت أبيك على مهمّات الزوجة كما تتدربين على العبادات
والمعاملات بالأخلاق؟؟
أعتقد أنه لو اعتبرت بيت أبيك نموذجاً لبيتك
في المستقبل، وقمت لتنهضي بعمله عملاً بالحديث الشريف قال رسول الله (ص):
"خير الناس أنفعهم للناس"، أي لأهلك -فهم خير الناس- حتى يأتيك ما يشغلك من
عمل أو ترتيب لزواج وبيت المستقبل إن شاء الله قريباً؛ لوجدت للحياة طعماً
آخر وحلاوة لا ينتهي طعمها من فمك.
فالعبادة كما قلنا تطويع للنفس،
وعمل الزوجة والأم تطويع للنفس والوقت؛ فلا تبخلي على نفسك بشغل وقتك بكل
مفيد يعلّمك ويطوّعك لحياتك المستقبلة التي تنتظرك بنصيبك عند الله تبارك
وتعالى.
ولا تقنطي من رحمة الله في التقصير في الصلاة؛ فحاولي
تجديدها حتى لا يصيبها الملل، واسمعي الموسيقى والأغاني؛ على أنها سماع
وليس استماعاً؛ يعني لا تتعدى أذناك حتى لا تفسد فطرتك.
أما
التلفزيون والكمبيوتر؛ ففيهما برامج جميلة ومفيدة تزيد ثقافتك وعلمك
ومعارفك وتسمح لك بالترفيه عن نفسك والعودة بها إلى التطويع؛ فلنفسك عليك
حق، ولجسدك عليك حق.
خلاصة القول: استفيدي من إمكاناتك ومواهبك التي منحها الله لك لتُسعدي نفسك؛ فالسعادة تأتي دائماً من داخل الإنسان، وليس من خارجه.