أنا عندي 28
سنة متزوجة من 7 سنوات، وعندي بنتان، وزوجي رجل طيب ومحترم؛ إلا أنه لا
يحبّ المنزل، ولا نراه إلا للنوم وتناول الطعام، له حياته الخاصة خارج
المنزل مع أصدقائه، ولا أعرف عنه أي شيء سوى القليل، وكثيراً ما تشاجرنا
لذلك؛ وخاصة أني اكتشفت منذ مدة أنه كان يحادث أخرى على الهاتف كنوع من
الدردشة على حد قوله؛ ولكنها كانت قد ملكت قلبه في ذلك الوقت، وكان بيتي
على وشك الانهيار بسببها؛ إلا أنه تغيّر الآن، وعاد لطبيعته وأعتقد أنه لم
يعد يفكّر في مثل تلك الأمور.
ومع ذلك دائماً أشعر بحاجز يفصله عني طوال
تلك السنوات، وأنا أشعر أني ألهث وراءه لإرضائه وجذبه نحوي؛ ولكن دون جدوى
لا يمكن أن أقول إنه يكرهني؛ ولكنه لا يحبّني كما تريد أي امرأة؛ لكن حبه
متمثل في تلبية طلباتنا المادية فقط؛ المشكلة هنا أنني قبل الزواج كنت أحب
شخصاً آخر، وكان يحبني جداً؛ ولكن كنّا صغاراً في الجامعة، ولظروف ما لم
نستطع الزواج.
الآن بعد كل هذه السنوات التي لم أره فيها؛
إذا بي أقابل أخته، وقد كانت صديقتي من قبل، وتجددت علاقتنا وأسمع منها
أخبار أخيها وحديثه عني، وأنه مازال يتذكرني بكل خير، وللعلم؛ هو أيضا تزوج
وصار أباً؛ لكن كلامها عنه لمس جزءاً من قلبي كنت قد دفنته، وأعادت هي لي
مشاعر موجعة أحتاج لقليل من الحب ليدعمني لمواجهة ذكريات محببة لي أستمتع
بالكلام مع أخته؛ فهي فتاة جميلة ومحترمة؛ ولكني أخشى من نفسى ومن خيالي
ومن إحساسي بأني قد أُخطئ في حق زوجي بالتفكير فيما مضى، ومقارنته بحالي
الآن مع زوج متجمد العواطف لا يشعر بي، ولا يحتاج إليّ هل ما قصصته لكم
يعدّ خيانة؟ هل أنا أسير في طريق خاطئ؟
أم ريم تعاطفت كثيراً مع رسالتك، وأحسست بنقائك الذي احترمته كثيراً، ودعوت
لكِ من كل قلبي بالنجاة ليس من خيانة زوجك فقط؛ ولكن من خيانة نفسك
أيضاً..
فلاشك أنك باسترسالك بالتفكير في ذكرياتك العاطفية السابقة ستظلمين
"نفسك" كثيراً؛ فستقومين بتضخيم مزايا من أحببته سابقاً، وتجاهل أن هذا
الحب لم يصمد، وأن الحب الحقيقي هو الذي يستمر وينجح طرفاه في تحويله إلى
زواج وما عدا ذلك؛ فهو "حلم" بالحب.
ودائماً ما تكون الأحلام وردية وبعيدة تماماً عن الواقع، ولاشك أنك
إذا كنت قد تزوجت بهذا الشاب لاكتشفت به عيوباً؛ فلا يوجد أحد بلا عيوب،
ولا تنس أنه تزوج غيرك وأصبح أباً، أي لا توجد آية فرص "واقعية" لزواجكما
بعد أن أصبحت أنت أيضاً أماً؛ لذا فإن الاستسلام للذكريات سيزرع بداخلك
"السخط" على زوجك ويحرمك من رؤية مزاياه -وإن قلت- والفرح بها، وأيضاً
سيحول دون "رغبتك" في إنجاح زواجك والاكتفاء بقيام زوجك بتلبية طلباتك
المادية أنت وطفلتيك..
وأصارحك بأنني أخاف عليك كثيراً؛ فلاشك أن احتياجك للحب لتواجهي
الذكريات السابقة قد يدفعك -لا قدر الله بالطبع- إلى الوقوع بسهولة في
براثن أي رجل عابث؛ حيث يسهل عليه اكتشاف "تعطشك" للحب وللاهتمام؛ فتنبهي
لذلك، وتذكّري ضرورة حماية نفسك بعدم البحث عن الحب خارج نفسك.
امنحي نفسك الحب الذي تحتاجينه لمواجهة الماضي.
قولي لنفسك يومياً: أنا غالية جداً وأحب نفسي وأحترم حياتي بعمق،
ولن أسمح لإبليس اللعين بإفساد ديني ودنياي بتضخيم افتقادي للعواطف مع
زوجي، وسأتوقف عن اللهاث وراء زوجي لإرضائه، وسأقوم بتغيير كافة تصرفاتي
معه وسأبدأ بالبحث عن اهتماماته، وإن كانت غريبة عني؛ فمعظم الرجال يحبون
متابعة البرامج السياسية وكرة القدم.
وسأهتم بما يهتم به تدريجياً؛ لأزيد من المساحات المشتركة، وأوضح
له تدريجياً اهتمامي به شخصياً، وأتواصل معه إيجابياً في اللقاء الزوجي،
وأشعره بحبي له كرجل في هذا اللقاء، وأتعامل معه بنعومة وأنوثة في كافة
تفاصيل الحياة اليومية، ولن أتعجل النتائج، وسأتدرج في ذلك، وأحتفل بأي
تقدم ولو كان بسيطاً.
ولن أقتصر في الحديث اليومي معه عن مطالبي أنا والبنتين، وسأهتم
بأهله وأحسن علاقتي بهم، وأقوم بامتداح زوجي وأحطم الفواصل القائمة بيننا.
ليس لإغلاق كل الأبواب أمام الماضي فقط؛ ولكن حتى لا يتكرر ما حدث من العلاقة السابقة التي تورّط فيها زوجي.
وأصارحك
بأنني لم أرتحْ لاطمئنانك الزائد بأن زوجك لم يعد يفكر في إقامة علاقة
بغيرك، ولابد من التوقف من التعامل مع زوجك على أنه زواج تقليدي؛ فبإمكانك
"بدء" قصة حب ناعمة مع زوجك دون شروط مسبقة.
لقد توقفت طويلاً عند قولك إن كلامك مع أخت من أحببت سابقاً أعاد لك
جزءاً من قلبك كنت قد قمت بدفنه؛ لذا أود إعادة قلبك كاملاً للحياة ومنحه
لزوجك، وطرد ذكريات الماضي، والإقلال تدريجياً من الحديث مع مَن تُذكّرك
بحبك السابق لحماية نفسك وزواجك؛ بل وابنتيك أيضاً من الخسائر الفادحة،
وتابعينا بأخبارك -إن أردت بالطبع- لنحتفل معك بانتصاراتك الرائعة على
إبليس اللعين، وتمكّنك من إنجاح زواجك والاستمتاع بشبابك، ولتكوني عروساً
متجددة مع زوجك، كما أدعو لك من كل قلبي.. وفقك ربي وأسعدك.