محمود السبع اوسمتى
عدد المساهمات : 782 تاريخ التسجيل : 08/06/2011 العمر : 58 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001676606043
| موضوع: اليقيـــن........ السبت يوليو 30, 2011 8:13 pm | |
|
تعريفه:
اليقين مصدر مأخوذ من (يقن) الّتي تدلّ على زوال الشّكّ. قال الجوهريّ: اليقين: العلم وزوال الشّكّ، يقال منه: يقنت الأمر يقنًا (ويقينًا)، وأيقنته، وأيقنت به، واستيقنته، واستيقنت به، وتيقّنت: كلّه بمعنى: أي علمته وتحقّقته. وعرّفه بعض العلماء بأنه: الاعتقاد الجازم الثّابت المطابق للواقع.
مفهومه: قال العلامة ابن القيّم رحمه اللّه: ومن منازل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: منزلة اليقين، وهو من الإيمان بمنزلة الرّوح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمّر العاملون، وعمل القوم إنّما كان عليه، وإشاراتهم كلّها إليه، وإذا تزوّج الصّبر باليقين، ولد بينهما حصول الإمامة في الدّين. قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [سورة السجدة آية: 24] وخصّ سبحانه وتعالى أهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين، فقال- وهو أصدق القائلين-: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [سورة الذاريات آية: 20] وخصّ أهل اليقين بالهدى والفلاح بين العالمين، فقال سبحانه: ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة البقرة الآيان: 4-5] وأخبر عن أهل النّار: بأنّهم لم يكونوا من أصحاب اليقين، فقال عزّ من قائل: ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [سورة الجاثية آية: 32]. فاليقين روح أعمال القلوب الّتي هي أرواح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصّدّيقيّة، وقطب هذا الشّيء الّذي عليه مداره، واليقين قرين التّوكّل، ولهذا فسّر التّوكّل بقوّة اليقين. ومتى وصل اليقين إلى القلب، امتلأ نورًا وإشراقًا وانتفى عنه كلّ شكّ وريب، وهمّ وغمّ، فامتلأ محبّةً للّه، وخوفًا منه، ورضًى به، وشكرًا له، وتوكُّلًا عليه، وإنابةً إليه، فهو مادّة جميع المقامات والحامل لها.
درجات اليقين: لليقين ثلاث درجات: الأولى: علم اليقين. الثانية: عين اليقين. الثالثة: حق اليقين. وإلى بعض هذه الدرجات أشارت الآيات في قوله تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [سورة التكاثر]. وممّا يوضّح ذلك: أن يخبرك شخص أنّ عنده عسلا وأنت لا تشكّ في صدقه، ثمّ أراك إيّاه فازددت يقينًا، ثمّ ذقت منه. فالأوّل علمُ اليقين، والثّاني عينُ اليقين، والثّالث حقُّ اليقين. فعلمنا الآن بالجنّة والنّار علم اليقين، فإذا أُزلفت الجنّة للمتّقين وشاهدها الخلائق، وبُرِّزت الجحيم للغاوين وعاينها الخلائق، فذلك عين اليقين، فإذا أُدخِل أهلُ الجنّةِ الجنّةَ، وأهلُ النّارِ النّارَ، فذلك حينئذ حقُّ اليقين. والموت يطلق عليه اليقين؛ لأنه حق لا مرية فيه؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [سورة الحجر آية: 99].
النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه اليقين: روى النسائي والترمذي وغيرهما عن نافع قال: ) كان ابن عمر إذا جلس مجلسًا لم يقم حتى يدعو لجلسائه بهذه الكلمات، وزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو بهن لجلسائه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا (. الآيات الشرعية والكونية لا ينتفع بها إلا أهل اليقين: قال تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [سورة الذاريات آية: 20]. وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [سورة الرعد آية: 2]. وقال تعالى: ﴿ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [سورة الجاثية، الآيات: 1-4]. وقال تعالى: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [سورة الجاثية، الآية 20].
بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين: قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [سورة السجدة، الآية 24]. قال ابن القيم -رحمه الله-: ففتنة الشبهات تدفع باليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين، فقال: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [سورة السجدة، الآية 24]، فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
| |
|